والحتات (١) المجاشعي فقال له معاوية : من أنت؟ قال : جارية بن قدامة ـ قال : وكان قليلا ـ قال : وما عسيت أن تكون ، هل أنت إلا نحلة؟ قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين فقد شبهتني بها حامية اللسعة ، حلوة البساق والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب ، وما أمية إلا تصغير أمة. قال معاوية : لا تفعل. قال : إنك فعلت. قال : ادن (٢) فاجلس معي على السرير. قال : لا. قال : لم؟ قال : رأيت هذين قد أماطاني عن مجلسك فلم أكن لأشركهما. قال : ادن أسارّك. قال : إنّي اشتريت من هذين دينهما. قال : ومني فاشتر يا أمير المؤمنين [قال : لا تجهر](٣)(٤).
قال : وأخبرني محمّد بن صالح القرشي ، عن علي بن محمّد القرشي ، عن مسلمة بن محارب ، عن الفضل بن سويد قال : وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة والحتات (٥) بن يزيد المجاشعي على معاوية فقال لجارية : أنت الساعي مع علي بن أبي طالب والموقد النار في شعلك تجوس قرى عربية بسفك دمائهم. قال جارية : يا معاوية دع عنك عليا فما أبغضنا عليا مذ أحببناه ولا غششناه منذ نصحناه. قال : ويحك يا جارية ما كان على أهلك إذ سموك جارية قال : أنت يا معاوية كنت أهون على أهلك أن سموك معاوية قال : لا أم لك (٦) قال : أم ما ولدتني ، إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفين في أيدينا قال : إنك لتهددني قال : إنك لم تملكنا قسرة ولم تفتتحنا عنوة ، ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق ، فإن وفيت لنا وفينا لك ، وإن ترغب إلى غير ذلك فقد تركنا وراءنا رجالا مدادا وأذرعا شدادا وأسنة حدادا. فإن بسطت إلينا (٧) فترا من غدر ، دلفنا إليك بباع من ختر (٨). قال معاوية لا كثر [الله في](٩) الناس أمثالك. قال : قل معروفا يا أمير المؤمنين فقد بلونا قريشا فوجدناك أوراها زندا. وأكثرها
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، وفي تهذيب الكمال : الحباب ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ، انظر ترجمته في أسد الغابة ١ / ٤٥٤.
(٢) بالأصل : إذن ، والمثبت عن تهذيب الكمال.
(٣) زيادة عن تهذيب الكمال ومختصر ابن منظور.
(٤) الخبر رواه ابن الأثير في أسد الغابة ١ / ٤٥٤ في ترجمة الحتات بن يزيد المجاشعي باختلاف الرواية والسياق.
(٥) بالأصل : الحباب.
(٦) بالأصل : أملك.
(٧) بالأصل : فترى.
(٨) الختر : الخديعة والحيلة ، وهو أسوأ الغدر وأقبحه.
(٩) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.