قال جبير بن مطعم (١) :
لما بعث الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وظهر أمره بمكة ، خرجت إلى الشام ، فلما كنت ببصرى (٢) أتتني جماعة من النصارى ، قالوا : أمن الحرم أنت؟ قلت : نعم. قالوا : فتعرف هذا الذي تنبأ فيكم؟ قلت : نعم. قال : فأخذوا بيدي ، فأدخلوني ديرا لهم فيه تماثيل وصور ، فقالوا لي : انظر ، هل ترى صورة هذا النبي الذي يبعث فيكم؟ فنظرت فلم أر صورته ، قلت : لا أرى صورته ، فأدخلوني ديرا أكبر من ذلك الدير ، وإذا فيه تماثيل وصور أكثر مما في ذلك الدير ، فقالوا لي : انظر ، هل ترى صورته؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصورته ، وإذا أنا بصفة أبي بكر وصورته ، وهو آخذ بعقب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقالوا لي : هل ترى صفته؟ قلت : نعم ، فقلت : لا أخبرهم حتى أعرف ما يقولون ، قالوا : أهو هذا؟ قلت؟ وأشاروا إلى صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : اللهم [نعم](٣) أشهد أنه هو ، قالوا : أتعرف هذا الذي أخذ بعقبه؟ قلت : نعم ، قالوا : نشهد أن هذا صاحبكم ، وأن هذا الخليفة من بعده.
وحديث جبير أيضا قال (٤) :
كنت أكره أذى قريش لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. لما ظننت أنهم سيقتلونه خرجت حتى لحقت بدير من الديارات ، فذهب أهل الدير إلى رأسهم ، فأخبروه فقال : أقيموا له حقه الذي ينبغي له ثلاثا. فلما مرت ثلاث رأوه لم يذهب ، فانطلقوا إلى صاحبهم فأخبروه فقال : قولوا له : قد أقمنا لك حقك الذي ينبغي لك ، فإن كنت وصبا فقد ذهب وصبك (٥) ، وإن كنت واصلا فقد نأل (٦) لك أن تذهب إلى من تصل ، وإن كنت تاجرا فقد نأل لك أن تخرج إلى تجارتك ، قال : ما كنت واصلا ولا تاجرا وما أنا بنصب ، فذهبوا إليه فأخبروه فقال : إن له لشأنا فسلوه ما شأنه؟ قال : فأتوه فسألوه فقال : لا والله إلا أني في قرية إبراهيم ، وابن عم (٧) يزعم أنه نبي
__________________
(١) رواه البيهقي في دلائل النبوة ١ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥ وأبو نعيم في دلائل النبوة ص ٤٩ رقم ١٢.
(٢) بصرى : موضع بالشام من أعمال دمشق ، وهي قصبة حوران مشهورة عند العرب قديما وحديثا. (معجم البلدان).
(٣) زيادة عن دلائل النبوة.
(٤) رواه الطبراني في المعجم الكبير ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٥ رقم ١٦٠٩ من طريق المقدام بن داود المصري ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار أنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عامر بن يحيى عن علي بن رباح حدثه عن جبير بن مطعم ، وذكره. وانظر مجمع الزوائد ٨ / ٢٣٣ وسير أعلام النبلاء ٣ / ٩٦ ـ ٩٧.
(٥) في المعجم الكبير : وصيا فقد ذهب وصيتك.
(٦) نأل أن يفعل : أي ينبغي ، وفي المعجم الكبير : نالك.
(٧) في المعجم الكبير : ابن عمي.