فآذاه قومه (١) وتخوفت أن يقتلوه ، فخرجت لئلا أشهد ذلك. قال : فذهبوا إلى صاحبهم فأخبروه بقولي ، قال : هلموا ، فأتيته فقصصت عليه قصتي (٢) ، فقال : تخاف أن يقتلوه؟ قلت : نعم ، قال : وتعرف شبهه لو تراه مصوّرا؟ قلت : نعم عهدي به قريب ، فأراه صورا مغطاة ، فجعل يكشف صورة صورة ثم يقول أتعرف؟ فأقول : لا ، حتى كشفت صورة مغطاة ، فقلت : ما رأيت شيئا أشبه بشيء من هذه الصورة [به](٣) كأنه طوله وجسمه وبعد ما بين منكبيه ، قال : فتخاف أن يقتلوه؟ قال : أظنهم قد فرغوا منه. قال : والله لا يقتلوه ولنقتلن من يريد قتله ، وإنه لنبي ، وليظهرنه الله ، ولكن قد وجب حقك علينا ، فامكث ما بدا لك وادع بما شئت ، قال : فمكثت عندهم حينا ثم قلت : لو اطلعتم فقدمت مكة فوجدتهم قد أخرجوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة. فلما قدمت قامت إلي قريش فقالوا : قد تبين لنا أمرك وعرفنا شأنك ، فهلم أموال الصبية التي عندك استودعكها أبوك ، فقلت : ما كنت لأفعل حتى تفرقوا بين رأسي وجسدي ، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم ، فقالوا : إن عليك عهد الله وميثاقه ألا تأكل من طعامه. قال : فقدمت المدينة وقد بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر فدخلت عليه ، فقال لي فيما يقول : إني لأراك جائعا ، هلموا طعاما. قلت : لا آكل حتى أخبرك ، فإن رأيت أن آكل أكلت ، قال : فحدثته بما أخذوا علي ، قال : فأوف بعهدك (٤) ولا تأكل من طعامنا ولا تشرب من شرابنا.
قال عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره :
كان من إعطاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المؤلفة قلوبهم من أصحاب المئين من بني نوفل بن عبد مناف : جبير بن مطعم مائة من الإبل (٥).
وعن ابن عباس قال (٦) : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة قريب مكة في غزوة الفتح :
«إن بمكة أربعة نفر من قريش أربأ بهم عن الشرك وأرغب لهم في الإسلام» ، فقيل : وما
__________________
(١) بأصل مختصر ابن منظور والمعجم الكبير : فآذوه قومه.
(٢) في المعجم الكبير : قصصي.
(٣) زيادة لازمة عن المعجم الكبير.
(٤) في المعجم الكبير : بعهد الله.
(٥) انظر الاستيعاب ١ / ٢٣١.
(٦) رواه ابن الأثير في أسد الغابة ١ / ٣٢٤.