يقول فلا يعيا بشيء يقوله |
|
ومن قائليها من يسيء ويعمل (١) |
جرول هو الحطيئة ، والجرول : الحجر وهو الجراول. ويقال أرض جرلة.
قال الأصمعي :
قيل للحطيئة : من أشعر الناس؟ فأخرج لسانه وقال : هذا إذا طمع.
قال الشعبي :
كان الحطيئة وكعب (٢) عند عمر رضياللهعنه فأنشد الحطيئة (٣) :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه |
|
لا يذهب العرف بين الله والناس (٤) |
فقال كعب : هي والله في التوراة ، لا يذهب العرب بين الله وبين خلقه (٥).
أراد الحطيئة المضي إلى بعض ملوك اليمن لقصيدة كان امتدحه ، فأمر أهله فشدّوا رحله على ناقته ، ثم ركبها وأنشأ يقول :
عدّي السنين إذا خرجت لغنية |
|
ودعي الشهور فإنهنّ قصار |
فأجابته بنية له في الخدر فقالت :
اذكر تحنّنا إليك وضعفنا |
|
وارحم بناتك إنّهنّ صغار (٦) |
قال : فحطّ رحله وأمسك عن ذكر الأسفار.
نزل الحطيئة برجل من العرب ومعه ابنته مليكة ، فلما جنّه الليل سمع غناء فقال لصاحب المنزل : كفّ هذا عني ، قال له : وما تكره من ذلك؟ فقال : إن الغناء رائد من رائدة الفجور ، ولا أحب أن تسمعه هذه ـ يعني ابنته ـ فإن كففته ، وإلّا خرجت عنك.
قالت مليكة بنت الحطيئة لأبيها : ما أصارك إلى القصار في الشعر بعد الطوال؟ قال :
__________________
(١) الأغاني : ويجمل.
(٢) يعني كعب الحبر. وهو كعب بن ماتع الحميري أبو إسحاق ، انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٣٩٩.
(٣) الخبر والبيت في الأغاني ٢ / ١٧٤ باختلاف الرواية.
(٤) البيت في ديوان الحطيئة ص ١٠٩ من قصيدة يمدح بغيضا ويهجو الزبرقان ، وقد شكاه الزبرقان بها إلى عمر بن الخطاب ، ومطلعها :
والله ما معشر لاموا امرأ جنبا |
|
في آل لأي بن شماس بأكياس |
(٥) قال إسحاق ، راوي الخبر في الأغاني : والذي صح عندنا في التوراة : لا يذهب العرف بين الله والعباد.
(٦) ليس البيتان في ديوانه (ط. صادر. بيروت).