لأنها في الآذان أولج ، وفي المحافل أجول ، وعلى القلوب أسهل ، وبأفواه الرجال أعلق.
قال حماد الرواية :
أفضل بيت روي من أشعار العرب ببيت الحطيئة حيث يقول (١) :
يقولون تستغني وو الله ما الغنى |
|
من المال إلا ما يعفّ وما يكفي |
وأنشد أحمد بن عباد التميمي للحطيئة يعدد محاسن قوم ، قيل : إنه يعني آل منظور بن زبّان بن سيّار بن عمر الفزاريين (٢) :
أولئك قوم إن ينوا أحسنوا البنا (٣) |
|
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا (٤) |
وإن كانت النعماء فيهم (٥) جزوا بها |
|
وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا |
يسوسون أحلاما بعيدا أناتها |
|
وإن غضبوا جاء الحفيظة والحقد |
أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكم |
|
من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا (٦) |
لما (٧) نزل بعبد الله (٨) بن شداد الموت ، دعا ابنا له يقال له محمد فأوصاه ، وكان فيما أوصاه أن قال : يا بني أرى دواعي الموت لا تقلع ، ومن مضى لا يرجع ، ومن بقي فألية ينزع. وإني أوصيك بوصية فاحفظها : عليك بتقوى الله ، وليكن أولى الأمر بك الشكر لله وحسن الثناء عليه في السرّ والعلانية ، واعلم أن الشكور مزيد والتقوى خير زاد ، فكن يا بني كما قال الحطيئة العبسي (٩) :
ولست أرى السعادة جمع مال |
|
ولكنّ التقي هو السعيد |
وتقوى الله خير الزّاد ذخرا |
|
وعند الله للأتقى مزيد |
__________________
(١) البيت في ديوانه ص ١٣١.
(٢) الأبيات في ديوانه ص ٤١ من قصيدة يمدح بني سعد. والأول والثاني في الأغاني ٢ / ١٧٨.
(٣) البنى بضم الباء وكسرها. جمع بنية ، مثل : فعلة وفعل ، ورشوة رشى.
(٤) شدوا يعني احكموا العقد.
(٥) في الديوان : النعمى عليهم.
(٦) يقول : كفوا عنهم اللوم في أمري ، أو إن شئتم فافعلوا مثلما فعلوا.
(٧) الخبر والشعر في الأغاني ٢ / ١٧٥ والأمالي للقالي ٢ / ٢٠٢.
(٨) في الأغاني : عبيد الله بن شداد ، وفي آمالي القالي : عبد الله بن شداد بن الهاد.
(٩) الأبيات في ديوان الحطيئة ص ٢٥٢.