وأفضل الأموال الغنم ، وأجود المراعي الأراك والسّلم. إذا أخلف كان لجينا (١) ، وإذا سقط كان درينا (٢) ، وإذا أكل كان لبينا» (٣).
قال جرير : يا رسول الله ، أخبرني عن السماء الدنيا والأرض السفلى. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما السماء الدنيا فإن الله خلقها من دخان وماء ، ثم رفعها وجعل فيها سراجا مضيئا ، وقمرا منيرا ، وزينها بمصابيح النجوم ، وجعلها رجوما للشياطين ، وحفظها من كل شيطان رجيم. وأما الأرض السفلى ، فإن الله تعالى خلقها من الزبد الجفاء والماء الكباء (٤) ، حملها على ظهر حوت ، تحته ملك على صخرة ينفجر منها الماء ، لو انخرق منها خرق لأذهب من على ظهر الأرض سبحان خالق النور».
قال جرير : يا رسول الله ، ابسط يدك أبايعك على الإسلام فقال : «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، وتسمع وتطيع الوالي وإن كان حبشيا» ، قال جرير : نعم يا رسول الله. فبايعه ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا جرير ما فعل قومك؟» قال : يا رسول الله ، ليس ينتظرون أحدا غيري. قال : «فانطلق فادعهم إلى الإسلام». فخرج جرير حتى أتى بلاد قومه فسار فيهم حيا حيا ، ودعاهم إلى الإسلام ، وأمرهم بالهجرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان أول من أجابه إلى ذلك قيس بن غزية (٥) الأحمسي ثم الذهني ، وهو أبو عروة (٦).
وروي عن جرير بن عبد الله أنه قال (٧) :
كنت لا أثبت على الخيل ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا» ، فما قلعت عن فرسي بعد ذلك.
__________________
(١) اللجين : الخبط ، وذلك أن الورق يدق حتى يتلجن أي يتلزج ثم توجره الإبل (الفائق ، والنهاية).
(٢) الدرين : حطام المرعى إذا قدم.
(٣) اللبين بمعنى اللابن ، من لبنت القوم إذا سقيتهم اللبن ، كأنه يلبن القوم ، لأنه يدرّه ويكثره.
(٤) بأصل مختصر ابن منظور : «الكما» والمثبت عن منال الطالب ١ / ٨٢ والماء الكباء : العالي العظيم.
(٥) كذا بالأصل ، والذي في أسد الغابة ٤ / ١٣٩ قيس بن غربة ، وغربة : بالغين المعجمة وبالراء ، وبالباء الموحدة.
قاله الأمير. وجاء في الإصابة ٣ / ٢٥٦ قيس بن غربة بفتح المعجمة والراء بعدها موحدة ، ضبطه ابن الأثير وقيل بكسر الزاي بعدها مثناة تحتية ثقيلة.
(٦) كناه في أسد الغابة : أبا غربة ، وجاء في الإصابة أنه والد عروة بن قيس.
(٧) رواه الطبراني في المعجم الكبير ٢ / ٣٠٠ رقم ٢٢٥٤ وانظر تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٤.