فقال عبد الملك : أحسنت فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :
ألستم خير من ركب المطايا |
|
وأندى العالمين بطون راح |
قال عبد الملك : أصبت وأحسنت ، فهل تعرف أرقّ (١) بيت قيل في الإسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :
إنّ العيون التي في طرفها مرض |
|
قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا |
يصرعن ذا اللبّ حتى لا حراك به |
|
وهنّ أضعف خلق الله أركانا (٢) |
قال : أحسنت يا أعرابي ، فهل تعرف جريرا؟ قال : لا والله ، وإني إلى رؤيته لمشتاق ، قال : فهذا جرير ، وهذا الأخطل ، وهذا الفرزدق : فأنشأ الأعرابي يقول :
فحيا الإله أبا حزرة |
|
وأرغم أنفك يا أخطل |
وجدّ الفرزدق أتعس به |
|
ودقّ خياشيمه الجندل |
فأنشأ الفرزدق يقول (٣) :
قد أرغم الله أنفا أنت حامله |
|
يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل |
ما أنت بالحكم المرضى حكومته |
|
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل |
ثم أنشأ الأخطل يقول (٤) :
يا شرّ من حملت ساق على قدم |
|
ما مثل قولك في الأقوام يحتمل |
إنّ الحكومة ليست في أبيك ولا |
|
في معشر أنت منهم إنّهم سفل |
فقام جرير مغضبا وهو يقول (٥) :
شتمتما قائلا بالحقّ مهتديا (٦) |
|
عند الخليفة ، والأقوال تنتضل |
__________________
(١) في الأغاني : أغزل.
(٢) البيت في ديوان جرير ص ٤٥٢ (ط. بيروت).
(٣) ليس البيتان في ديوان الفرزدق الذي بين يدي.
(٤) ليس البيتان في ديوانه الذي بين يدي.
(٥) الأبيات في ديوان جرير ص ٣٦٦.
(٦) بأصل مختصر ابن منظور : مفتديا ، والمثبت عن الديوان.