أتشتمان سفاها خيركم حسبا |
|
ففيكما وإلهي الزّور والخطل (١) |
شتمتماه (٢) على رفعي ووضعكما |
|
لا زلتما في انحطاط (٣) أيّها السّفل |
قال : ثم وثب فقبّل رأس الأعرابي وقال : يا أمير المؤمنين ، جائزتي له. قال : وكانت جائزة جرير خمسة عشر ألفا (٤) كل سنة. فقال عبد الملك : وله مثلها من مالي. فقبضها وخرج.
قال مروان بن أبي حفصة :
جلس عبد الملك بن مروان يوما للناس على سرير ، وعند رجل السرير محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف ، وجعل الوفود يدخلون عليه ومحمد بن يوسف يقول : يا أمير المؤمنين هذا فلان ، هذا فلان ، إلى أن دخل جرير بن الخطفى فقال : يا أمير المؤمنين هذا جرير بن الخطفى ، قال : فلا حيّا الله القاذف المحصنات ، العاضة (٥) لأعراض الناس ، فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، دخلت فاشرأب الناس نحوي ، ودخل قوم فلم يشرئب الناس إليهم ، فقدرت أن ذلك لذكر جميل ذكرني به أمير المؤمنين. فقال عبد الملك : لما ذكرت لي قلت : لا حيا الله القاذف المحصنات ، العاضة لأعراض الناس. فقال جرير : والله يا أمير المؤمنين ، ما هجوت أحدا حتى أخبره غرضي سنة ، فإن أمسك أمسكت ، وإن أقام استعنت عليه وهجوته. فقال : هذا صديقك أبو مالك سلّم عليه لهو الأخطل ، فاعتنقه وقال : والله يا أمير المؤمنين ، ما هجاني أحد كان هجاؤه علي أشدّ من أمك. قال جرير : صدقت وخنازير أمك. فقال عبد الملك : أحضروا جامعة ، فأحضرت ، وغمز الوليد الغلام أن تأخّر بها. فقال عبد الملك للأخطل : أنشد فأنشد (٦) :
تأبد الربع من سلمى بأحفار (٧) |
|
وأقفرت من سليمى دمنة الدار |
__________________
(١) الخطل : الكذب والدجل.
(٢) في الديوان : أتشتماه.
(٣) في الديوان : سفال.
(٤) في الأغاني ٨ / ٤٢ وكانت جائزة جرير أربعة آلاف درهم وتوابعها من الحملان والكسوة.
(٥) العاضة : يقال عضه الرجل جاء بالإفك والبهتان والنميمة ويقال : قد أعضهت يا رجل أي جئت بالبهتان. وعضه فلانا عضها أي بهته ورماه بالبهتان ، وقال فيه ما لم يكن. (تاج العروس).
(٦) البيت مطلع قصيدة للأخطل يمدح يزيد بن معاوية لأنه حماه من الأنصار بعد أن أباح لهم معاوية قطع لسانه ص ١٦ ط. بيروت.
(٧) أحفار : علم لموضع من بادية العرب (معجم البلدان).