وكان يكنى أبا معمر ـ أبقاك الله طويلا ، فإن في بقاء مثلك صلاحا للعامة والخاصة ، فلما سكت فقلت : يا أمير المؤمنين إني وإياك كما قال رؤبة لبلال بن أبي بردة :
إنّي وقد تعني أمور تعتني |
|
على طريق العذر إن عذرتني |
فلا ورب الآمنات القطّن |
|
ما آئب سرّك إلّا سرّني |
شكرا وإن عزّك أمر عزّني |
|
ما الحفظ أما النصح إلّا أنني |
أخوك والراعي لما استرعيتني |
|
إنّي وإن لم ترني كأنني |
أراك بالغيب وإن لم ترني |
|
من غشّ أو ونى فإني لا أني |
عن رفدكم خيرا لكل موطن |
قال : صدقت يا فضل ، رده إلى مجلسه ، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو النجم التاجر ، أنبأ ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الحافظ (١) ، أخبرني الأزهري ، نا عبيد الله بن محمد البزار (٢) ، نا محمد بن يحيى الصولي ، نا أبو ذكوان ، نا محمد بن سلّام [قال :] خرج شبيب بن شيبة من دار المهدي ، فقيل له : كيف تركت الناس؟ قال : تركت الداخل راجيا ، والخارج راضيا.
قال (٣) : أنا الجوهري ، أنا محمد بن عمران بن موسى ، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، نا محمد بن القاسم بن خلّاد ، عن موسى بن إبراهيم صاحب حمّاد بن سلمة قال : كان شبيب بن شيبة يصلي بنا في المسجد الشارع في مربعة أبي عبيد الله فصلّى بنا يوما الصبح ، فقرأ بالسجدة ، و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) فلما قضينا الصلاة قام رجل فقال : لا جزاك الله عني خيرا ، فإنّي كنت غدوت لحاجة فلما أقيمت الصلاة دخلت أصلي ، فأطلت حتى فاتتني حاجتي ، قال : وما حاجتك؟ قال : قدمت من الثغر في شيء من مصلحته ، وكنت وعدته للبكور إلى دار (٤) الخليفة لأتنجز ذلك ، قال : فأنا أركب معك فركب معه ودخل على المهدي ، فأخبره الخبر ، وقصّ عليه القصة ، قال : فتريد ما ذا؟ قال : قضاء حاجته ، فقضى
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٩ / ٢٧٥.
(٢) كذا ، وفي تاريخ بغداد : البزاز.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٩ / ٢٧٥.
(٤) بالأصل : ذكر ، والمثبت عن تاريخ بغداد.