العزيز ، نا منصور بن أبي مزاحم ، نا عبد الحميد بن بهرام (١) ، عن شهر بن حوشب قال : سمعت عبد الرحمن بن غنم يقول :
لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبا الدرداء ألفينا عبادة بن الصامت ، فأخذ يميني بشماله ، وشمال أبي الدرداء بيمينه ، فخرج يمشي معنا ، فقال عبادة : إن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما فيوشك (٢) أن تريا الرجل من بين المسلمين قد قرأ القرآن على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم أعاده وأبداه وأحل حلاله ، وحرّم حرامه ، ونزل عند منازله أو قرأ به على لسان أحد لا يحور (٣) فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت فبينما نحن كذلك ، إذ طلع علينا شدّاد بن أوس ، وعوف بن مالك ، فجلسا إلينا ، فقال شدّاد : إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول من الشهوة الخفية والشرك فقال عبادة وأبو الدرداء : اللهم غفرا أو (٤) لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب ، فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها فهي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها ، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد ، قال شداد : أرأيتكم لو رأيتم أحدا يصلّي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له أترون أنه قد أشرك؟ قالوا : نعم ، قال شداد : فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من صلى يرائي فقد أشرك ، ومن صام يرائي فقد أشرك ، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك».
فقال عوف : ولا يعبد الله إلا ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله ، فيتقبل منه ما خلص له ، ويدع ما أشرك به فيه؟ فقال شداد : فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أنا خير قسيم ، فمن أشرك بي شيئا فإن جدّه وعمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به ، أنا عنه غني» (٥) [١٤٢٦٠].
__________________
(١) رسمها بالأصل : «بهز» كذا والصواب ما أثبت عن المعجم الكبير ٧ / ٢٨١.
(٢) اللفظة غير مقروءة بالأصل ورسمها : «تنزيل» والمثبت عن المختصر.
(٣) تقرأ بالأصل : يخوز ، والمثبت عن المختصر ، قال في النهاية : لا يحور فيكم إلا كما يحور صاحب الحمار الميت : أي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه.
(٤) بالأصل : إن ، والمثبت عن المختصر.
(٥) إلى هنا ينتهي القسم الأول المفقود من ترجمة شداد بن أوس الأنصاري وقد أخذناه عن نسخة أحمد الثالث المرموز لها بحرف «د».