فصالحهم ، وكان الذي ولي صلحه هانئ بن جابر على ثمانين ألف درهم ، ثم سار فنزل ببانقيا (١) على شاطئ الفرات فقاتلوه ليلة حتى الصباح ثم طلبوا الصلح ، فصالحهم ، وكتب لهم كتابا (٢) ، وصالح صلوبا بن بصبهرى (٣) ومنزله بشاطئ الفرات على جزية ألف درهم.
ثم كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام ، وكتب إليه : إنّي قد استعملتك على جنود ، وعهدت إليك عهدا تقرؤه وتعمل بما فيه ، فسر إلى الشام حتى يوافيك كتابي ، فقال خالد : هذا عمل عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ ، فاستخلف المثنى ابن حارثة الشيباني مكانه ، وسار حتى نزل دومة الجندل ، وأوفاه كتاب أبي بكر وعهده مع شريك بن عبدة العجلاني ، فكان أحد الأمراء بالشام خلافة أبي بكر وفتح بها فتوحا كثيرة ، وهو الذي ولي صلح أهل دمشق ، وكتب لهم كتابا فأنفذوا ذلك له ، فلما توفي أبو بكر وولي عمر بن الخطاب عزل خالدا عما كان عليه وولّى أبا عبيدة بن الجرّاح ، فلم يزل خالد مع أبي عبيدة في جنده يغزو وكان له بلاء وغناء وإقدام في سبيل الله حتى توفي ، رحمهالله ، بحمص سنة إحدى وعشرين ، وأوصى إلى عمر بن الخطاب ، ودفن في قرية على ميل من حمص.
قال محمّد بن عمر : سألت عن تلك القرية فقيل قد دثرت.
__________________
(١) بانقيا بكسر النون : ناحية من نواحي الكوفة.
(٢) نص الكتاب الذي كتبه خالد لأهل بانقيا ـ كما في معجم البلدان بانقيا :
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن بصبهرى ومنزله بشاطئ الفرات ، إنك آمن بأمان الله على حقن دمك في إعطاء الجزية على نفسك وجيرتك وأهل قريتك بانقيا وسميا على ألف درهم جزية وقد قبلنا منك ورضي من معي من المسلمين بذلك ، فلك ذمة الله وذمة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم وذمة المسلمين على ذلك.
شهد هشام بن الوليد ، وجرير بن عبد الله بن أبي عوف ، وسعيد بن عمرو ، وكتب سنة ١٣ والسلام.
(٣) كذا بالأصل ، وفي فتوح البلدان : بصبهرى بن صلوبا.