تقطعا مناجاتكما. قال : «وقد رأيته؟» قال : قلت : نعم ، قال : «أما إنه سيذهب بصرك ، ويرده الله عليك في موتك». قال : فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه ، فقال لي عكرمة : ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صلىاللهعليهوسلم. قال : فلما وضع في لحده تلقّي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) [سورة الفجر ، الآيات : ٢٧ ـ ٣٠].
وفي حديث آخر بمعناه : ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال (١) : مرّ العباس وابنه على النبي صلىاللهعليهوسلم وعنده جبريل ، فسلّم العباس يعني : على النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يرد عليه النبي صلىاللهعليهوسلم قال : فشقّ عليه. قال : فلما جاز قال : يقول له ابنه : أبه ، من الرجل الذي كان عند النبي صلىاللهعليهوسلم؟ قال : فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صلىاللهعليهوسلم أحدا ، قال : فجاء العباس فقال : يا رسول الله ، مررت بك فسلّمت فلم تردّ علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني : من الرجل الذي مع النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «فلقد رآه؟ ذاك جبريل» [١٤٢٧٢] قال : فمسح النبي صلىاللهعليهوسلم رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال : نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عليهالسلام مرة ، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال : دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو نائم ، ورأسه في حجرها ، فقلت : يا أمه ، أو يا خالة ، دعيني أغمز رجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالت : شأنك ، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري ، فانتبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا عبد الله ، أحبك الذي أحببتني له ، أما إن جبريل قد أوصى بك خيرا» ، وقال : إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان ، ويرزقون حسن مشية الدواب [١٤٢٧٣].
وعن ابن عباس قال (٢) : كنت ردف رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لي : «يا غلام ، ألا أعلمك
__________________
(١) من طريق آخر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٤١ والمعرفة والتاريخ ١ / ٥٣١.
(٢) رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٤٣ وفيه : حدثني الحسن بن عرفة عن عمار بن محمد عن خشيش بن فرقد عن الحسن عن ابن عباس ، فذكره ، وفيه اختلاف.