أترى الناس يحتاجون (١) إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم (٢) فتركت ذلك ، وأقبلت على المسألة وتتبّع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صلىاللهعليهوسلم فآتيه فأجده قائلا ، فأتوسد ردائي على بابه ، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج ، فإذا خرج قال : ما جاء بك يا بن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأقول : جئت ، بلغني أنك تحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم فأحببت أن أسمعه منك فيقول : هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول : أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم واحتاج الناس إلي فيقول : أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال (٣) : كنت أكرم (٤) الأكابر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المهاجرين والأنصار ، وأسألهم عن مغازي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما نزل من القرآن في ذلك ، وكنت لا آتي أحدا منهم إلا سرّ بإتياني لقربي من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعلت أسأل أبيّ بن كعب يوما ـ وكان من الراسخين في العلم ـ عما نزل من القرآن بالمدينة؟ فقال : نزل سبع وعشرون سورة ، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقول : ما صنع النبي صلىاللهعليهوسلم يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول (٥).
قال معمر (٦) : عامّة علم ابن عباس عن ثلاثة : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس : طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار ، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي : نائم ، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إليّ الظهر فيقول : متى كنت ها
__________________
(١) في طبقات ابن سعد : يفتقرون.
(٢) في ابن سعد : وفي الناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من فيهم؟
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٣٧١ وفيه : أخبرنا محمد بن عمر حدثني قدامة بن موسى عن أبي سلمة الحضرمي قال : سمعت ابن عباس يقول ، وذكره. والإصابة ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٢.
(٤) كذا ، وفي ابن سعد : «ألزم» وهو أشبه.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٣٧١ باختلاف الرواية. والإصابة ٢ / ٣٣٢.
(٦) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٤١ وفيه أخبرنا سلمة قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا عبد الرزاق قال : قال معمر ، وذكره.