شيء ، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول (١) :
بخيل يرى بالجود عارا وإنما |
|
على المرء عار أن يضنّ ويبخلا |
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه |
|
صديق فلاقته المنيّة أوّلا |
أنشد المبرد لعبد الله بن عباس ، كتب به إلى معاوية بن أبي سفيان :
إني (٢) وإن أغضيت عن غير بغضة |
|
لراع لأسباب المودّة حافظ |
وما زال يدعوني إلى الصّرم ما أرى |
|
فآبى وتثنيني عليك الحفائظ |
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى |
|
وألبس طورا مرّه وأغالظ |
وأنتظر الإقبال بالودّ منكم |
|
وأصبر حتى أوجعتني المغايظ |
وجرّبت ما يسلي المحبّ عن الهوى |
|
وأقصرت والتجريب للمرء واعظ |
لما (٣) خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابن عباس وعبد الله بن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثّل (٤) :
يا لك من قبّرة (٥) بمعمر |
|
خلا لك الجوّ (٦) فبيضي واصفري |
ونقري ما شئت أن تنقّري |
خلا لك والله يا ابن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق ، فقال ابن الزبير لابن عباس : والله ما ترون إلا أنكم أحقّ بهذا الأمر من سائر الناس ، فقال له ابن عباس : إنما يرى من كان في شكّ ، فأما نحن من ذلك فعلى يقين ، ولكن أخبرني عن نفسك : لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب؟ قال ابن الزبير : [لشرفي](٧) عليهم قديما لا تنكرونه قال :
__________________
(١) نسب البيتان بحواشي مختصر ابن منظور إلى الحجاج بن علاط السلمي.
(٢) في البيت خرم.
(٣) رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٥٤ من طريق العتبي عن أبيه.
(٤) الرجز ينسب لطرفة بن العبد ديوانه ط. صادر ص ٤٦ وفيه يقال إن طرفة خرج مع عمه في سفر وهو ابن سبع سنين ، فنزلوا على ماء فذهب طرفة بفخ له إلى مكان اسمه معمر فنصبه للقنابر ، وبقي عامة يومه لم يصد شيئا ، ثم حمل فخه وعاد إلى عمه ، فحملوا ورحلوا من ذلك المكان ، فرأى القنابر يلقطن نثر لهن من الحب.
ويقال إن هذه الأبيات رويت لكليب أخي مهلهل ، ولعل طرفة استشهد بها. والأبيات في تاريخ الطبري ٥ / ٣٨٤ والبداية والنهاية ٨ / ١٦٠ وسير الأعلام ٣ / ٢٩٧ و ٣٥٤ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٩.
(٥) ويروى : قنبرة. ضرب من الطير يشبه الحمّر.
(٦) في سير الأعلام ٣ / ٢٩٧ البر.
(٧) بياض بأصل مختصر ابن منظور ، استدركت اللفظة عن سير الأعلام.