الغلامين ـ قال : لي وللفضل بن عباس ـ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمرهما على هذه الصدقات فأدّيا ما يؤدّي الناس ، وأصابا ما يصيب الناس من المنفعة. قال : فبينا هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب ، فقال : ما ذا تريدان؟ فأخبراه بالذي أرادا (١) فقال : لا تفعلا ، فو الله ما هو بفاعل ، فقالا : لم تصنع هذا؟ فما هذا منك إلا نفاسة علينا (٢) ، فو الله لقد صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونلت صهره فما نفسنا ذلك عليك ، فقال : أنا أبو حسن ، أرسلوهما ، ثم اضطجع. فلما صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة ، فقمنا عندها حتى مرّ بنا ، فأخذ بآذاننا ، ثم قال : «أخرجا ما تصرّران» (٣) ، ودخل ، فدخلنا معه ، وهو حينئذ في بيت زينب بنت جحش. قال : فكلمناه ، فقلت : يا رسول الله ، جئناك لتؤمّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ، ونؤدّي إليك ما يؤدّي الناس. قال : فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا أن نكلمه. قال : فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه ، فأقبل فقال : «ألا إنّ الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس (٤) ، ادع لي محمية (٥) بن الجزء ـ وكان على العشور ـ وأبا سفيان بن الحارث. قال : فأتياه ، فقال لمحمية بن جزء : «أنكح هذا الغلام ابنتك» ـ للفضل ـ فأنكحه ، وقال لأبي سفيان : «أنكح هذا الغلام ابنتك» فأنكحني ، ثم قال لمحمية : «أصدق (٦) عنهما من الخمس» [١٤٢٧٩].
وحدث عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : سألت لأجد أحدا يخبرني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبح في سفر. فلم أجد أحدا يخبرني بذلك ، حتى أخبرتني أم هانئ بنت أبي طالب أنه قدم عام الفتح فأمر بستر فستر عليه ، فاغتسل ثم سبّح ثمان ركعات.
وحدث عبد الله بن عبد الله : أن أباه عبد الله بن الحارث بن نوفل كان يسبّح سبحة
__________________
(١) يعني عبد المطلب بن ربيعة والفضل بن العباس.
(٢) معناه حسدا منك لنا.
(٣) معناه ما تجمعانه في صدوركما من الكلام ، وكل شيء قد جمعته فقد صررته.
(٤) إنما هي أوساخ الناس : معنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم وأنفسهم ، كما قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها).
(٥) انظر ترجمته في أسد الغابة ٣ / ٣٤٣.
(٦) أصدق عنهما من الخمس : أي أدّ عن كل منهما صداق زوجته ، يقال : أصدقتها إذا سميت لها صداقا ، وإذا أعطيتها صداقها. قال النووي : يحتمل أن يريد من سهم ذوي القربى من الخمس لأنهما من ذوي القربى ، ويحتمل أن يريد من سهم النبي صلىاللهعليهوسلم من الخمس.