يقبل بيعتي حتى يؤتى بي في جامعة؟ لا أبرّ الله قسمه ، وتمثل ابن الزبير (١) :
ولا ألين لغير الحقّ أسأله |
|
حتى يلين لضرس الماضغ الحجر |
ثم قال : والله ، لا أبايع يزيد ، ولا أدخل له في طاعة (٢).
قال خالد سبلان (٣) :
كنت فيما شهد صفين : فبينا نحن هنالك إذ جاء الخبر إلى معاوية أنه قد بايع رجلا من همدان اثنا عشر ألفا من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم فلا ينثنون دون أن يقتلوا معاوية ، أو ينهزم الناس ، أو يموتوا من آخرهم ، فأعظم ذلك معاوية ، وأقبل على عمرو بن العاص فقال : اثنا عشر ألفا كلهم قد بايع بيعة الموت ، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو : اضربهم بمثلهم من قومهم ، فأرسل إلى عضاه ـ أو قال : ابن عضاه ـ فأخبره عن الهمداني وأصحابه وقال : ما عندك؟ قال : ألقاهم بمثل عدتهم من همدان. قال : فخرج إليه قبائل همدان ، فخطبهم متوكئا على قوسه ، فذكر عثمان ، وما انتهك من حرمته ، وركب به ـ يعني : قتلوا حتى نسخوا ـ ثم ذكر الذين قتلوه ، وأنه لحقّ على كلّ مسلم أن يطلب دم عثمان ، والقود من قتلته ، ونحوا من هذا الكلام ، وإن الهمداني قد بايعه منكم ، فأخبرهم بما صنعوا ، فما
__________________
(١) البيت مع بيت آخر في تاريخ الطبري ٥ / ٤٧٦ ، وهو في تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٤٤٣ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٢٥.
(٢) ذكر البلاذري أن ابن الزبير قال لابن عضاه : يا ابن عضاه ، والله ما أصبحت أرهب الناس ولا الباس ، وإني لعلى بيّنة من ربي وبصيرة من ديني ، فإن أقتل فهو خير لي ، وإن مت حتف أنفي فالله يعلم إرادتي وكراهتي لأن يعمل في أرضه بالمعاصي.
ونقل البلاذري عن الواقدي والهيثم بن عدي في روايتهما أن ابن الزبير قال لابن عضاه : إنما أنا حمامة من حمام هذا المسجد ، أفكنتم قاتلي حمامة من حمام المسجد؟ فقال ابن عضاه : يا غلام ائتني بقوسي وأسهمي ، فأتاه بذلك ، فأخذ سهما فوضعه في كبد القوس ثم سدده لحمامة من حمام المسجد وقال : يا حمامة أيشرب يزيد الخمر؟ قولي : نعم ، فو الله لئن قلت لأقتلنك. يا حمامة أتخلعين أمير المؤمنين يزيد وتفارقين الجماعة ، وتقيمين بالحرم ليستحل بك؟ قولي : نعم. فو الله لئن قلت لأقتلنك.
فقال ابن الزبير : ويحك يا ابن عضاه أو يتكلم الطير؟ قال : لا ، ولكنك أنت تتكلم. وأنا أقسم بالله لتبايعن طائعا أو كارها أو لتقتلن ، ولئن أمرنا بقتالك ثم دخلت الكعبة لنهدمنها أو لنحرقنها عليك ، أو كما قال. فقال ابن الزبير : أو تحل الحرم والبيت؟ قال : إنما يحلّه من ألحد فيه.
(٣) خالد سبلان ، هو خالد بن عبد الله بن الفرج أبو هاشم العبسي ، عرف بخالد سبلان ، ولقب بذلك لعظم لحيته.
وسبلان بفتح السين والباء الموحدة كما في الإكمال لابن ماكولا تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ـ ط.
دار الفكر ـ بتحقيقي ١٦ / ١٣٢ رقم ١٨٩٥.