يا أيّها الطائف واللّيل سحم |
|
ما ذا الذي تدعو إليه وتلم (١) |
بيّن لنا عن صدق ما أنت زعم |
|
هل بعث الله رسولا معتلم (٢) |
يجلو عمى الضّلال عنّا والتّهم (٣) |
|
من بعد عيسى في محنّات الظّلم |
ينجي من الزّيغ ويهدي من رغم |
فقال : ألا إنه قد بطل زور وبعث نبيّ بالسّرور ؛ ثم انقطع عنّي الصّوت ، فلا حسّ ولا خبر ؛ فبينا أنا أفكر في أمري ، وما الذي سمعت من قول الهاتف إذا طلع عمود الصّبح فأرغت (٤) بعيري ، فإذا هو في شجرة يميس ورقها ويهشم من أغصانها ، فوثبت إليها فرمتها ، ثم استويت على كورها ، ثم أقبلت حتى اقتحمت واديا ، فإذا أنا بشجرة عاديّة (٥) ، وعين خرّارة ، وروضة مدهامّة (٦) ، وإذا بقسّ بن ساعدة جالس في أصل شجرة ، وقد ورد على الحوض سباع كثير ، فكلّما ورد سبع قبل صاحبه ضربه قسّ بن ساعدة بالقضيب ، ثم قال : تنحّ (٧) ، حتى يشرب الذي ورد قبلك ؛ فلمّا رأيت ذلك ذعرت ذعرا شديدا ؛ فقال لي : لا تخف ؛ فإذا بقبرين وبينهما مسجد ؛ فقلت : ما هذان القبران؟ فقال : هذان قبرا أخوين كانا يعبدان الله في هذا المكان ، فأنا مقيم بينهما أعبد الله حتى ألحق بهما ؛ فقلت : ألا تلحق بقومك ، فتكون معهم على خيرهم وتبكّتهم (٨) على شرّهم؟ فقال : ثكلتك أمّك ، أما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين أبيها ، واتّبعت الأنداد وعظّمت السدان (٩) ، ثم تركني وأقبل على القبرين يبكي ، ويقول (١٠) :
__________________
(١) في المصادر : يغتنم.
(٢) في المصادر : قد بعث الله نبيا في الحرم.
(٣) في المصادر : يجلو دجنات الدياجي والبهم.
(٤) أراغ : أراد وطلب (القاموس المحيط).
(٥) في البداية والنهاية : شجرة عارمة.
(٦) المدهامة : المتناهية الخضرة حتى تميل إلى السواد.
(٧) في البداية والنهاية : اصبر.
(٨) في البداية والنهاية : وتبيانهم.
(٩) في البداية والنهاية : وعظموا الأنداد.
(١٠) الأبيات في الخبر المتقدم في السيرة النبوية ٣ / ٤٣٦ ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١١٢ والبداية والنهاية ٢ / ٢٩٤ والأغاني ١٥ / ٢٤٨ ، ثم نقل أبو الفرج عن يعقوب بن السكيت أن الشعر لعيسى بن قدامة الأسدي ، ثم نقل عن العتبي عن أبيه أن الشعر للحزين بن الحارث أحد بني عامر بن صعصعة.