أجلّ مني؟ قلت : لا ، قال : لكني أعرفه ، رجل في حلقة يقول : حدثنا فلان عن فلان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم .... قلت : يا أمير المؤمنين ، هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وولي عهد المسلمين؟ قال : نعم ، ويلك ، هذا خير مني لأن اسمه مقترن باسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يموت أبدا ، نحن نموت ونفنى ، والعلماء باقون ما بقي الدهر.
حدث أبو زرعة عن أبيه قال :
كنا بالرقة وبيوتات الأموال تنقل إلى هارون الرشيد ، فقدرناها أربعة آلاف وست مائة جمل ، ألف وست مائة منها ذهب ، وثلاثة آلاف ورق.
قال الأصمعي (١) :
دخلت على هارون الرشيد يوم الجمعة ، وهو يقلّم أظفاره ، فقلت له في ذلك : فقال : أخذ الأظفار يوم الخميس من السنة. وبلغني أن [أخذها](٢) يوم الجمعة ينفي الفقر. فقلت : يا أمير المؤمنين ، وتخشى أنت أيضا الفقر؟ فقال : يا أصمعي ، وهل أحد أخشى للفقر مني؟
حدث إبراهيم بن المهدي قال (٣) :
كنت أتغدى مع الرشيد في يوم شات ، فسأل صاحب المطبخ : هل عنده برمة من لحم الجزور ، فأعلمه أن عنده ألونا منه ، فأمر بإحضاره ، فقدمت إليه صحفة ، فأدخل لقمة منها في فيه ، وحرك لحيته عليها مرتين ، فضحك جعفر بن يحيى ، فسأله الرشيد عن ضحكه ، وأمسك عن المضغ ، فقال : ذكرت كلاما دار بيني وبين جاريتي البارحة ، فضحكت ، فقال الرشيد : هذا محال ، فأخبرني بحقي عليك ، قال : إذا ابتلعت لقمتك حدثتك ، فألقى لقمته من فيه تحت المائدة ، فقال له جعفر : بكم يتوهم أمير المؤمنين أن هذا اللون يقوم عليه؟ فقال له الرشيد : أتوهمه يقوم بأربعة دراهم ، فقال جعفر : إنه يقوم عليك بأربع مائة ألف درهم ، قال : كيف؟ ويحك! فقال جعفر : سأل أمير المؤمنين صاحب المطبخ من أكثر من أربع سنين (٤) عن برمة من لحم جزور ، فلم يجدها ، فأنكر أمير المؤمنين ذلك علي وقال : لا يفت مطبخي لون
__________________
(١) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٤ من طريق ابن قتيبة ثنا الرياشي عن الأصمعي ، وذكره.
(٢) استدركت عن البداية والنهاية.
(٣) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٤ نقلا عن ابن عساكر. وبطوله في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٥٣ وما بعدها.
(٤) في البداية والنهاية : إنك طلبت من طباخك لحم جزور قبل هذا اليوم بمدة طويلة فلم يوجد عنده.