قال مسرور الخادم (١) : أمرني هارون أمير المؤمنين لما احتضر أن آتيه بأكفانه ، فأتيته بها ، ينتقيها على عينه ، ثم أمرني ، فحفرت قبره (٢) ، ثم أمر فحمل إليه ، فجعل يتأمله ويقول : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) [سورة الحاقة ، الآيتان : ٢٨ و ٢٩] ويبكي ، ثم تمثل ببيت شعر (٣).
قال أحمد بن محمد الأزدي :
جعل هارون أمير المؤمنين يقول وهو في الموت : وا سوأتاه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
استخلف الرشيد هارون سنة سبعين ومائة ، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة بطوس ، ودفن بقرية يقال لها سناباذ (٤). وأتت الخلافة ابنه محمد الأمين وهو ببغداد ، وتوفي الرشيد وهو ابن ست وأربعين سنة (٥).
قال بعضهم (٦) :
قرأت على خيام هارون أمير المؤمنين بعد منصرفهم من طوس ، وقد مات هارون :
منازل العسكر معمورة |
|
والمنزل الأعظم مهجور |
خليفة الله بدار البلى |
|
تسفي (٧) على أجداثه المور |
أقبلت العير تباهي به |
|
وانصرفت تندبه العير |
__________________
(١) الخبر في مروج الذهب ٣ / ٤٤٩.
(٢) الذي في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣١ أنه أمر حفر قبره في الدار التي كان فيها قبل موته ، وهي دار حميد بن أبي غانم الطائي.
(٣) في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣١ أنه قال لبعض من حضر موته ، أما سمعت قول الشاعر :
وإني من قوم كرام يزيدهم |
|
شماسا وصبرا شدة الحدثان |
(٤) سناباذ : بينها وبين طوس نحو ميل. (معجم البلدان).
(٥) انظر تاريخ بغداد ١٤ / ١٣. والذي في مروج الذهب ٣ / ٤١٢ أنه ولي الخلافة وهو ابن إحدى وعشرين سنة وشهرين ومات وهو ابن أربع وأربعين سنة وأربعة أشهر.
(٦) الخبر والأبيات في البداية والنهاية ١٠ / ٢٤٠.
(٧) البداية والنهاية : تسعى.