بحضور دار أمير المؤمنين ، فحضروا ، فقرأ كتابه على الناس ينعي أبيه ، وأخذ البيعة ، فبايع الناس.
لما (١) مات المعتصم ، وولي الواثق كتب دعبل بن علي الخزاعي أبياتا ، وأتى بها الحاجب ، فقال : أبلغ أمير المؤمنين السلام ، وقل : مديح لدعبل ، فأخذ الحاجب الطومار فأدخله على الواثق ففضّه فإذا فيه (٢) :
الحمد لله لا صبر ولا جلد |
|
ولا رقاد (٣) إذا أهل الهوى رقدوا |
خليفة مات لم يحزن له أحد |
|
وآخر قام لم يفرح به أحد |
فمرّ هذا ومر الشرّ (٤) يتبعه |
|
وقام هذا فقام الويل والنكد |
فطلب ، فلم يوجد.
دخل (٥) هارون بن زياد ـ مؤدب الواثق ـ على الواثق ، فأكرمه ، وأظهر من برّه ما شهر به ، فقيل له : من هذا يا أمير المؤمنين الذي فعلت به ما فعلت؟ قال : هذا أول من فتق لساني بذكر الله عزوجل ، وأدناني من رحمة الله عزوجل.
قال يحيى بن أكثم (٦) :
ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب من خلفاء بني العباس ما أحسن إليهم الواثق ، ما مات وفيهم فقير.
قال أبو عثمان المازني :
كتب الواثق في حملي ، فحملت ، وأدخلت عليه ، وهو عليل ، فقال : يا بكر ، لك ولد؟ قلت : لا ، قال : فلك امرأة؟ قلت : لا ، قال : فمن خلّفت بالبصرة؟ قلت : أختي ، قال :
__________________
(١) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ١٤ / ١٦ ـ ١٧ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٣٤٠ والأغاني ٢٠ / ١٤٦.
(٢) الأبيات في ديوان دعبل بن علي الخزاعي ص ١٦٨ ط. دار الكتاب اللبناني بيروت ، وانظر تخريجها فيه.
(٣) الديوان : عزاء.
(٤) الديوان : الشؤم.
(٥) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٧ من طريق الحسن بن أبي طالب حدثنا أحمد بن محمد بن عروة أخبرنا محمد بن يحيى قال : حدثني علي بن محمد قال : سمعت خالي أحمد بن حمدون يقول. وذكره.
(٦) الخبر من طريقه رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٤٠٢ وسير الأعلام ١٠ / ٣٠٧ وفوات الوفيات ٤ / ٢٢٥ وتاريخ بغداد ١٤ / ١٩.