لنشاطه ، فرآني أضاحك الفتح بن خاقان ، فقال : قاتل الله [ابن](١) الأحنف حيث يقول :
عدل من الله أبكاني وأضحككم |
|
فالحمد لله عدل كل ما صنعا |
اليوم أبكي على قلبي وأندبه |
|
قلب ألح عليه الحب فانصدعا |
للحب في كل عضو لي على حدة |
|
نوع تفرّق عنه الصبر واجتمعا |
فقال الفتح : أنت يا أمير المؤمنين في وضع التمثل موضعه أشعر منه [وأعلم](٢) وأظرف.
أمر (٣) الواثق ابن أبي داود يصلي بالناس في يوم عيد ، وكان عليلا. فلما انصرف قال له : يا أبا عبد الله ، كيف كان عيدكم؟ قال : كنا في نهار لا شمس فيه ، فضحك ، وقال : يا أبا عبد الله ، أنا مؤيد بك.
[قال الخطيب](٤) : وكان ابن أبي داود (٥) قد استولى على الواثق وحمله على التشدد في المحنة ، ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن. ويقال : إن الواثق رجع عن ذلك القول قبل موته.
قال صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي (٦) :
حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين وقد جلس للنظر في أمور المتكلمين في دار العامة ، فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها ، فيأمر بالتوقيع فيها ، وينشأ الكتاب عليها ويحرّر ، ويختم ، ويدفع إلى صاحبه بين يديه ، فسرّني ذلك ، واستحسنت ما رأيت منه ، فجعلت أنظر إليه ، ففطن ، ونظر إلي ، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مرارا ثلاثا ، إذا نظر غضضت ، وإذا شغل نظرت ، فقال : يا صالح ، قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، فقال : في نفسك منا شيء تريد (٧) أن تقوله ، قلت : نعم ، حتى إذا قام قال
__________________
(١) استدركت عن تاريخ بغداد.
(٢) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٣) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٨.
(٤) زيادة للإيضاح ، انظر تاريخ بغداد ١٤ / ١٨.
(٥) يعني أحمد بن أبي دؤاد بن حريز ، أبو عبد الله الإيادي ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١١ / ١٦٩.
(٦) الخبر رواه المسعودي في مروج الذهب ٤ / ٢١٦ وما بعدها. ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٧) سير الأعلام : «تحب» وفي مروج الذهب : تحب أن تذكره.