أكل يوم لم ترع ولم ترع |
|
لا خير في أعور جنّاب الفزع (١) |
فقال عمار : من هؤلاء بإزائنا؟ فقالوا : عبد الله ومحمد ابنا عمرو ، فخرج إليه عمار ، فقال : يا عبد الله بن عمرو ، فخرج إليه رجل ، فقال : قد أسمعته ، فمن أنت؟ قال : أنا عمار بن ياسر ، ويحك! ما تقول لله عزوجل حين تفضي إليه؟! وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ويح لعمار ، تقتله الفئة الباغية» [١٤٣٣٠] فو الله لأقتلن اليوم. قال : أنشدك الله يا عمار أسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث جاء عمرو يستعدي عليّ فقال : إن عبد الله يعصيني ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تعص عمرا» [١٤٣٣١] ، فهذا أمر عمرو ، وقد أمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا أعصيه ، وأنا أكره الناس لهذا.
ورئي (٢) عمرو (٣) بن العاص وهو على منبر من عجل يجر به جرا ، يشرف (٤) على الناس ينظر إليهم ، وهو يقول لابنه عبد الله بن عمرو : يا عبد الله ، أقم الصف ، قصّ الشارب ، فإن هؤلاء أخطئوا خطيئة قد بلغت السماء ، ثم قال : علي السلاح ، فألقي (٥) بين يديه مثل الحرة (٦) السوداء ، ثم قال : خذ يا فلان ، خذ يا فلان ، عليكم بالدجال هاشم بن عتبة.
قال الأحنف بن قيس :
أتى إلي كاتب عمار بن ياسر يومئذ ، وبيني وبينه رجل من بني السمين فتقدمنا معه ، ودنونا من هاشم بن عتبة فقال له عمار : احمل فداك أبي وأمي ، ونظر عمار إلى رقة في الميمنة ، فقال هاشم : يا عمار ، إنك رجل تأخذك خفة في الحرب ، وإنما أزحف باللواء زحفا ، وأرجو أن أنال بذلك حاجتي ، وإني إن خففت لم آمن الهلكة. وقال معاوية لعمرو بن العاص : ويحك يا عمرو! أرى اللواء مع هاشم كأنه يرقل به إرقالا ، وإنه إن زحف به زحفا إنه
__________________
(١) روايته في وقعة صفين :
لا خير في أعور لا يأتي الفزع
(٢) الخبر رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٨١٠ ـ ٨١١ من طريق أبي بكر الحميدي قال : حدثنا سفيان قال : أخبرني من رأى عمرو بن العاص ... وذكره وانظر طبقات ابن سعد ٤ / ٢٥٥.
(٣) في أصل مختصر ابن منظور : «عمر» تصحيف.
(٤) بالأصل : مشرف ، والمثبت عن المعرفة والتاريخ.
(٥) في المعرفة والتاريخ : فأتي.
(٦) في المعرفة والتاريخ : «الحية السوداء» جاء في اللسان : الحر : حية دقيقة مثل الجان أبيض.