اجتمع الطّرماح الطائي وهاشم المرادي ومحمد بن عبد الله الحميري عند معاوية بن أبي سفيان فأخرج بدرة (١) ، فوضعها بين يديه ثم قال : يا معشر شعراء العرب ، قولوا قولكم في علي بن أبي طالب ، ولا تقولوا إلا الحق ، فأنا نفيّ من صخر بن حرب إن أعطيت هذه البدرة إلا من قال الحق في علي ، فقام الطرماح فوقع في علي ، فقال له معاوية : اجلس ، فقد علم الله نيتك ، ورأى مكانك ، ثم قام هاشم المرادي ، فوقع فيه أيضا ، فقال له معاوية : اجلس مع صاحبك ، فقد عرف الله مكانكما ، فقال عمرو بن العاص لمحمد بن عبد الله الحميري ـ وكان حاضرا ـ : تكلم ، ولا تقولن إلا الحق ، ثم قال لمعاوية : قد آليت أنك لا تعطي هذه البدرة إلا قائل الحق في علي بن أبي طالب ، قال : نعم ، فقام محمد بن عبد الله فتكلم ثم قال :
بحق محمد قولوا بحق |
|
فإن الإفك (٢) من شيم اللئام (٣) |
أبعد محمد بأبي وأمي |
|
رسول الله ذي الشرف التمام |
أليس علي أفضل خلق ربي |
|
وأشرف عند تحصيل الأنام |
ولا ينه هي الإيمان حقا |
|
فذرني من أباطيل الكلام |
وطاعة ربنا فيها وفيها |
|
شفاء للقلوب من السقام |
علي إمامنا بأبي وأمي |
|
أبو الحسن المطهّر من أثام |
إمام هدى حباه الله علما |
|
به عرف الحلال من الحرام |
فلو أنّي قتلت النفس حبا |
|
له ما كان فيها من غرام |
يحلّ النار قوم أبغضوه |
|
وإن صلوا وصاموا ألف عام |
ولا والله ما تركوا صلاة |
|
بغير ولاية العدل الإمام |
أمير المؤمنين بك اعتمادي |
|
وبعدك بالأئمة اعتصامي |
فهذا القول لي دين وهذا |
|
إذا [أنشدت في ملإ](٤) كلامي |
__________________
(١) البدرة كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم ، أو سبعة آلاف دينار (القاموس المحيط).
(٢) الإفك : الكذب ، أفك إفكا : كذب (القاموس).
(٣) في أصل مختصر ابن منظور : «الكرام» والمثبت عن مختصر ابن منظور المطبوع.
(٤) بياض بأصل مختصر ابن منظور ، والزيادة بين معكوفتين استدركت عن مختصر ابن منظور المطبوع.