أخبرنا أبوا (١) الحسن : علي بن أحمد بن منصور ، وعلي بن المسلّم الفقيهان ، قالا : أنا أبو العباس أحمد بن منصور المالكي ، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر ، أنا خيثمة ، نا العباس ابن الوليد ، أخبرني أبي ، حدثني عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون ، حدثني محمد بن يزيد الرحبي ، حدثني رجل من أزد يكنى أبا حبيش لقيته بدير سمعان في ضيافة عمر بن عبد العزيز ، كان أرسل إليه يسأله ، ولم يكن بقي ممن شهد قتل عثمان يومئذ غيره ، فأخبرني أنه كان مع عثمان يوم حصر الدار ، فزعم أن ركب الأشقياء من أهل مصر أتوه قبل ذلك فأجازهم وأرضاهم فانصرفوا ، حتى إذا كانوا في بعض الطريق انصرفوا ، فخرج عثمان يصلّي إما صلاة الغداة وإما صلاة الظهر ، فحصبه أهل المسجد ، وقذفوه بالحصا ، والنعال ، والخفاف ، فانصرف إلى الدار ومعه أبو هريرة ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الله بن الزبير ، ومروان بن الحكم ، والمغيرة بن الأخنس في أناس لم أحفظ أسماءهم إلا هؤلاء النفر ، فكانوا يطوفون على البيوت فإذا هم بركب الأشقياء قد دخلوا المدينة ، وأقبل ناس حتى قعدوا على باب الدار معهم وعليهم السلاح ، فقال عثمان لغلام له يقال له وثّاب : خذ مكتلا من تمر ـ قال : والمكتل (٢) : قفّة ـ فانطلق به إلى هؤلاء القوم ، فإن أكلوا من طعامنا فلا بأس بهم ، وإن أشفقت منهم ، فارجع ، فانطلق بالمكتل فلمّا رأوه رشقوه بالنبل ، فانصرف الغلام وفي صلبه (٣) سهم ، فخرج عثمان ومن معه إليهم ، فأدبروا وأدركوا رجلا يمشي القهقرى ، قال : فقلت : وما القهقرى قال : كان ينفض على عقبيه كراهية [أن](٤) يولي ظهره (٥) ، فأخذناه فأتينا به عثمان فقال : يا أمير المؤمنين والله ما نريد قتالك ، ولكنا نريد معاتبتك ، فأعتب قومك وأرضهم ، فأقبل على أبي هريرة فقال : يا أبا هريرة فلعلهم ذلك يريدون ، فخلّوا سبيله ، قال : فخلّينا سبيله ، وخرجت أم المؤمنين عائشة فقالت : الله الله يا عثمان في دماء المؤمنين ، فانصرف إلى الدار.
__________________
(١) بالأصل : أبو.
(٢) المكتل : كمنبر ، زنبيل يحمل فيه التمر أو العنب إلى الجرين ، يسع خمسة عشر صاعا ، والجمع المكاتل ، (تاج العروس كتل).
(٣) في مختصر ابن منظور : منكبه.
(٤) زيادة للإيضاح.
(٥) القهقرى : الرجوع إلى خلف ، والقهقرى : وذلك إذا تراجع على قفاه من غير أن يعيد وجهه إلى جهة مشيه (تاج العروس : قهقر).