ومروان ابن الحكم (١) ، وسائر القوم من قريش والأنصار. فلما خرج به ليقاد منه بالحرّة جعل ينشد الأشعار ، فقالت له حبّى المدينة : ما رأيت أقسى قلبا منك ، أتنشد الشعر وأنت يمضى بك لتقتل؟! وهذه خلفك كأنها ظبي عطشان تولول ـ تعني : امرأته ـ فوقف ، ووقف الناس معه ، وأقبل على حبّى فقال (٢) :
فما وجدت وجدي بها أم واحد (٣) |
|
ولا وجد حبّى يا ابن أمّ كلاب |
رأته طويل الساعدين شمردلا (٤) |
|
كما انتعتت من قوة وشباب (٥) |
فأغلقت حبّى في وجهه الباب وسبّته. ولما قدم نظر إلى امرأته فدخلته غيرة ، وقد كان جدع في حربهم ، فقال (٦) :
فإن يك أنفي بان منه جماله |
|
فما حسبي في الصالحين بأجدعا |
فلا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا |
|
أغم (٧) القفا والوجه ليس بأنزعا (٨) |
ضروبا بلحييه (٩) على عظم زوره |
|
إذا القوم همّوا بالفعال تقنّعا (١٠) |
فسألت (١١) القوم أن يمهلوه قليلا ، ثم أتت جزّارا ، فأخذت منه مدية ، فجدعت بها أنفها ثم أتته قبل أن يقتل مجدوعة الأنف ، وقالت : ما عسى أن يكون بعد هذا؟ وقيل : إنها قالت : أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال : الآن طاب الموت ، ثم أقبل على أبويه فقال (١٢) :
__________________
(١) انظر ذيل الأمالي للقالي ص ٨٤ وذكر آخرين : سعيد بن العاص ، وعبد الله بن عمرو ، والحسين بن علي ، وعمرو ابن عثمان بن عفان.
(٢) البيتان في الأغاني ٢١ / ٢٧١.
(٣) صدره في الأغاني :
وجدت بها ما لم تجد أم واحد
(٤) الشمردل : الفتى القوي الجلد ، وقيل : الفتى الجميل الخلق.
(٥) عجزه في الأغاني :
كما تشتهى من قوة وشباب
(٦) البيتان الثاني والثالث ، من أبيات في الأغاني ٢١ / ٢٦٩. وعيون الأخبار ٤ / ١٥ والشعر والشعراء ص ٤٣٧.
(٧) الغمم أن يسيل الشعر حتى يضيق الوجه والقفا.
(٨) الأنزع من انحسر شعره عن جبينه وقفاه.
(٩) اللحيان : العظمان اللذان ركبت فيهما الأسنان العلوية والسفلية.
(١٠) عجزه في الأغاني :
إذا الناس هشوا للفعال تقنّعا
(١١) يعني زوجته.
(١٢) الأبيات في الأغاني ٢١ / ٢٧٠.