إذا اضطر الشاعر إلى صرف ما لا ينصرف صرفه لأن الضرورة تردّ الشيء إلى أصله ، وأصل الأسماء الصرف كما تقدم ، لكن الضرورة قد تكون موجبة للصرف لأجل إقامة الوزن كقوله :
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة |
|
فقالت : لك الويلات إنك مرجلي |
وقد لا تكون موجبة كقوله :
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره |
|
هو المسك ما كررته يتضوع |
إذ لو بقي نعمان على منع الصرف لم ينكسر الوزن إلا أنه يكون فيه الزحاف المسمى بالكف وهو قبيح عندهم ، فعدل إلى الصرف لتحصيل أمر مستحسن ، ومنع جمع صرف ما فيه ألف التأنيث المقصورة فتأديته إلى حذف ساكن وهو الألف وإثبات لشيء آخر وهو التنوين ، فلا فائدة. وأجازه بعضهم وهو ظاهر إطلاق النظم فقد يكون فيه فائدة بأن ينوّن ليتلقى ساكنان فيكسر فيكون محتاجا إلى ذلك وبه جزم الدماميني. ويجوز صرف ما لا ينصرف للتناسب نحو : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً)(١) ، (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣))(٢). وقد يكون التصغير سببا للصرف أيضا نحو : حميد وعمير في أحمد وعمر ، لزوال أحد السببين بالتصغير. وأما منع المصروف من الصرف فمذهب البصريين المنع مطلقا لأنه خروج عن الأصل بخلاف صرف الممنوع فإنه رجوع إلى الأصل. وجوزه بعضهم مطلقا وبعضهم في الشعر.
__________________
(١) سورة الإنسان ، الآية ٤.
(٢) سورة نوح ، الآية ٢٣.