قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١). ومنه قولهم : أما بعد.
فإن صرح بالمضاف إليه حذف ونوى ثبوت لفظه أو حذف ولم ينو ثبوت لفظه ولا معناه أعرب نصبا على الظرفية أو خفضا بمن نحو : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ)(٢) ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(٣) ، (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)(٤) ، (مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ)(٥).
وقد قرىء : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) بالخفض من غير تنوين. وتقول : جئتك قبلا وبعدا ، أي في زمن من الأزمان.
ومنه قوله :
فساغ لي الشراب وكنت قبلا |
|
أكاد أغص بالماء الفرات |
ومثلهما في ذلك أسماء الجهات الست وأول ودون وحسب.
وسميت قبل وبعد وما في معناهما غايات لصيرورتها بعد الحذف غاية في النطق بعد أن كانت وسطا.
(والفتح في أين وأيان وفي |
|
كيف وشتان وربّ فاعرف |
وقد بنوا ما ركبوا من العدد |
|
بفتح كل منهما حين يعد) |
البناء على الفتح يكون في الأسماء والأفعال والحروف.
فمما بني عليه من الأسماء : أين.
وعلة بنائه شبهه بالحرف في المعنى وهو معنى الاستفهام أو الشرط ولم يبن على السكون فرارا من التقاء الساكنين وحرك بالفتحة طلبا للخفة ومثله : أيان وكيف.
ومما بني على ذلك منها أيضا شتان ، وهو اسم فعل بمعنى افترق ، وبني لشبهه بالحروف في كونه عاملا غير معمول ، وقيل : لوقوعه موقع المبني. وحرك
__________________
(١) سورة الروم ، الآية ٤.
(٢) سورة الحج ، الآية ٤٢.
(٣) سورة الأعراف ، الآية ١٨٥.
(٤) سورة التوبة ، الآية ٧٠.
(٥) سورة القصص ، الآية ٤٣.