بالمعرفة العلم بمحله كما يرشد إليه قوله : فهو الذي يذكر. وقد فهم من حده أنه على ضربين : تمييز المفرد ، وتمييز النسبة. فالأول هو الواقع غالبا بعد ما يفيد التقدير من العدد والوزن والكيل والمساحة لبيان جنسها ، أيّ شيء هو ، فالواقع بعد العدد مجرور بالإضافة كثلاثة رجال ومائة عبد وألف غلام نعم الواقع بعد أحد عشر فما فوقه إلى تسع وتسعين فإنه منصوب نحو : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(١) ، (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً)(٢) ، (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً)(٣). وأما الواقع بعد غير ذي العدد من الوزن والكيل والمساحة فمنصوب وناصبه مميزه كعشرين مثلا في عشرين درهما وإن كان جامدا لطلبه ما بعده كاسم الفاعل.
(تقول عندي منوان زبدا |
|
وخمسة وأربعون عبدا |
وقد تصدّقت بصاع خلا |
|
وما له غير جيب نخلا) |
أتى بأربعة أمثلة ، الأول : للموزون. والثاني للمعدود. والثالث للمكيل ، والرابع للمذروع. والمنوان تثنية منا كعصا وقد مر أنه لغة في المن. والجريب قطعة معلومة من الأرض. ولك في تمييز غير العدد ثلاثة أوجه نصبه كما تقدم وجره بمن ظاهرة كرطل من زيت ومنوان من زبد وجريب من نخل وصاع من تمر ، وإضافته إلى جنسه كرطل زيت ومنوا زبد وجريب نخل وصاع تمر. نعم إن أريد بالمقادير الآلات التي يقع بها التقدير لم يجز إلا إضافتها كعندي منوان سمن وقفيز بر ، تريد الرطلين اللذين يوزن بهما السمن والمكيال الذي يكال به البر والإضافة حينئذ بمعنى اللام. وأما تمييز العدد فلا يجوز جره بمن كتمييز النسبة المحلول ، وأشار إلى تمييز النسبة بقوله :
(ومنه أيضا نعم زيد رجلا |
|
وبئس عبد الدار منه بدلا |
وحبذا أرض البقيع أرضا |
|
وصالح أطهر منك عرضا |
وقد قررت بالإياب عينا |
|
وطبت نفسا إذ قضيت الدينا) |
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ١٢.
(٢) سورة الأعراف ، الآية ١٤٢.
(٣) سورة ص ، الآية ٢٣.