أي ومن التمييز ما يرفع الإبهام عن مضمون الجملة ؛ وهو قسمان : محول وغير محول. فالأول ثلاثة أنواع : محول عن المبتدأ نحو صالح أطهر منك عرضا ، أصله عرض صالح أطهر منك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع عينا ، وطاب محمد نفسا أصله قرت عين زيد وطابت نفس محمد فحول الإسناد عن المضاف إلى المضاف إليه ثم جيء بالمضاف تمييزا ومحول عن المفعول ولم يتعرض له الناظم نحو : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(١) أصله : وفجرنا عيون الأرض من ، فحوّل المفعول وجعل تمييزا وأوقع الفعل على الأرض. والثاني : نحو امتلأ الإناء ماء ، ونعم رجلا زيد وبئس بدلا عبد الدار وحبذا أرض البقيع أرضا لأن مثل هذا التركيب وضع ابتداء هكذا غير محول ، والناصب لتمييز النسبة ما تقدمه من فعل أو شبهه.
واعلم أن نعم وبئس موضوعان لإنشاء المدح والذم ففاعلهما إما بأل الجنسية على الأصح نحو : نعم العبد ، وبئس الشراب. أو مضافا لما هي فيه نحو : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠))(٢) ، (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢))(٣) ، أو مضمرا مفردا مستترا مفسرا بنكرة بعده منصوبة على التمييز مطابقة للمخصوص نحو نعم رجلا زيد ونعم رجلين الزيدان ونعم رجالا الزيدون ، وإذا استوفت نعم وبئس فاعلهما الظاهر أو المضمر وتمييزه جيء بالمخصوص بالمدح أو الذم على أنه مبتدأ والجملة قبله خبره والرابط بينهما العموم المستفاد من أل فيما إذا كان الفاعل ظاهرا والضمير فيما عداه أو خبر لمبتدأ محذوف ويجوز تقديم المخصوص على الفعل والفاعل فيتعين حينئذ ابتدائيته ولا يجوز توسطه بين الفعل والفاعل ولا بينه وبين التمييز عند البصريين. وما وقع في النظم إما مذهب كوفي أو ضرورة.
وأما حبذا فهي كنعم في العمل ، والمعنى مع زيادة أن الممدوح محبوب للقلب والأصح أن ذا فاعله فلا يتبع ويلزم الإفراد والتذكير وإن كان المخصوص
__________________
(١) سورة القمر ، الآية ١٢.
(٢) سورة النحل ، الآية ٣٠.
(٣) سورة الزمر ، الآية ٧٢.