وأما قولهم : دخلت الدار وسكنت الشام ، فمفعول به حقيقة أو مفعول فيه إجراء له مجرى المبهم. هذا عند من لا يعتبر الاطراد وأما عند من اعتبره فهو منصوب على نزع الخافض توسعا أو إجراء للازم مجرى المتعدي وإنما استأثر ظرف الزمان مطلقا بصلاحيته للنصب على الظرفية على ظرف المكان لأن أصل العوامل لفعل ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان لأنه يدل على الزمان بصيغته وبالالتزام وعلى المكان بالالتزام فقط.
(تقول صام خالد أياما |
|
وغاب شهرا وأقام عاما |
وبات زيد فوق سطح المسجد |
|
والفرس الأبلق تحت معبد |
والريح هبت يمنة المصلى |
|
والزرع تلقاء الحيا المنهل |
وقيمة الفضة دون الذهب |
|
وثم عمرو فادن منه واقرب |
وداره غربي فيض البصرة |
|
ونخله شرقي نهر مرة) |
أتى الناظم بثلاثة أمثلة لظرف الزمان المختص ولم يمثل للمبهم منه كصمت حينا أو وقتا ، وبقية الأمثلة المذكورة لظرف المكان المبهم فقط ولم يتعرض لما صيغ من مصدر عامله ولا لما دل على مقدار من أسماء المكان. والأبلق هو الأبيض ، والحيا بالقصر المطر والمنهل المنصب بشدة ، وثم بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم ظرف مبني يشار به للمكان البعيد نحو وأزلفنا ثم الآخرين ، وغربي منسوب إلى الغرب وشرقي منسوب إلى المشرق. والمعنى المكان الذي يلي الغرب أو الشرق ، وفيض البصرة زيادة دجلتها ، ومرة اسم رجل كمعبد.
(وقد أكلت قبله وبعده |
|
وإثره وخلفه وعنده) |
هذه الأسماء المذكورة من الظروف أيضا لكنها لما لم تتعين لأحد الظرفين بل صلحت لكل منهما باعتبار ما تضاف إليه أفردها بالذكر تبعا للناظم في شرحه ، فإن أضفتها إلى ظرف الزمان التحقت به وانتصبت انتصابه نحو : صمت قبل السبت وبعد الخميس وإثر رمضان وخلف شعبان وقدمت عند طلوع الشمس ، وإن أضفتها إلى ظرف المكان انتصبت انتصابه أيضا نحو : داري قبل المسجد وبعد الحمام وخلفه وعنده ، ولما كانت عند لا تتصرف نبه على ذلك