عمارة على الحكم ـ يعنى ببغداد ـ ثم بعث المنصور إلى عبيد الله بن محمّد بن صفوان إلى مكة من يقدم به عليه ، فلما قدم ولاه القضاء ، وضم الحسن بن عمارة إلى المهديّ ، وكان أبو جعفر يبعث بأسلم إلى المهديّ ليعرف حاله ، وكيف هو في مجلسه ، وربما وجه إليه في السر فرآه أسلم مقبلا على مقاتل بن سليمان ، فأخبر المنصور بذلك ، فقال له المنصور : يا بنى بلغني إقبالك على مقاتل فسرني ذلك ، وإنك إنما تعمل غدا بما تسمع اليوم ، فلا تقبل على مقاتل وأقبل على الحسن بن عمارة للفقه ، وعلى محمّد بن إسحاق للمغازى ، وما جرى فيها.
أخبرنا محمّد بن عمر بن بكير النّجّار أخبرنا محمّد بن إبراهيم الربيعي حدّثنا أبو عبد الله اليزيدي حدّثنا سليمان بن أبي شيخ حدّثني صلة بن سليمان. قال : جاء إلىّ الحسن بن عمارة فقال : إن لي على مسعر بن كدام سبعمائة درهم من ثمن دقيق وغير ذلك ، وقد مطلني ويقول : ليس عندي اليوم ، فدفعها إليه الحسن بن عمارة ، وقال له : أعط مسعرا كل ما أراد ، وإذا اجتمع لك عليه شيء فتعال إلي حتى أعطيك. قال : وكان مسعر والحسن يجلسان جميعا في موضع واحد ، وكان مسعر إذا سئل عن الحديث ـ والحسن بن عمارة حاضر ـ لم يحدث. وقال : اسأل أبا محمّد (١).
وقال سليمان بن أبي شيخ : حدّثني أبي أبو شيخ قال : قدمت الكوفة أريد الحج ، فجئت الحسن بن عمارة أسلم عليه ، فقال لي : إنه ليس شيء من آلة الحج إلا وعندنا منه شيء ، فخذ حاجتك. فقلت له : ما أحتاج إلى شيء ، قد هيأت بواسط جميع ما أحتاج إليه فهي معي ، فدعا غلاما شاميا من أهل شاطا فقال : هذا غلام جبار ، قل من يسلك هذا الطريق بمثله ، خذه فهو لك ، فأبيت ، وقلت : ما أفعل به؟ فجهد بي (٢) فأبيت ، وما أشك أنه قد كان يسوى يومئذ ألف درهم (٣).
أخبرنا علي بن المحسن أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر حدّثني محمّد بن العبّاس اليزيدي حدّثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدّثني أبي. قال : كان بالكوفة رجل غريب يكتب الحديث ، وكان يختلف إلى الحسن بن عمارة يكتب عنه ، فجاءه ، فودعه ليخرج إلى بلاده وقال له : إن في نفقتي قلة ، فكتب له الحسن رقعة وقال : اذهب بها
__________________
(١) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٦ / ٢٧٤.
(٢) في المطبوعة : " فجهدني".
(٣) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٦ / ٢٧٣.