٤
السيرافى (١)
هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان ، ولد بسيراف سنة ٢٨٠ للهجرة ، وكان أبوه مجوسيّا يسمى بهزاد ، فأسلم وتسمى باسم عبد الله. ويظهر أنه دفع ابنه إلى التعلم منذ نعومة أظفاره ، ولم يلبث التلميذ الناشئ أن أكبّ على دروس اللغة والدراسات الدينية ببلدته ، ولم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى خرج إلى عمان وتفقّه على شيوخها ، ثم تحول عنها إلى بغداد ، فدرس اللغة على ابن دريد والنحو على ابن السراج والقراءات على أبى بكر بن مجاهد ، وتعمق فى الفقه تعمقا جعله يختار لتولى منصب القضاء فى الجانب الشرقى لبغداد ، ولم يلبث أن ولى قضاء الجانبين : الشرقى والغربى جميعا ، وهو فى أثناء ذلك يتولى تدريس الفقه الحنفى للطلاب بمسجد الرصافة نحو خمسين عاما. وبلغ من إجلال الناس له أن كانوا يخاطبونه بإمام المسلمين وشيخ الإسلام. وبجانب ذلك كان يعنى بالنحو ويفزع إليه الطلاب فى تفسير عويصه وحل مشاكله ومستغلقاته. وكان يعتنق الاعتزال مما جعله شديد الصلة بالمنطق والمباحث الفلسفية ، وهى صلة سلّحته بقوة الحجة وسلامة البرهان ، مما أضرم فيه نار الجدل ، وجعله يظفر دائما بمناظريه. ومناظرته التى أفحم فيها متى بن يونس مشهورة ، وكان موضوعها النحو والمنطق أيهما أدق فى معرفة صحيح الكلام من سقيمه وسديده من مدخوله ، وكان يدافع فيها عن النحو ، وأغصّه بريقه. وكان يشغف شغفا شديدا بكتاب سيبويه ، فألف عليه شرحه المطول الذى لم يطبع إلى اليوم ، وهو يضمّ فيه آراء خالفيه من البصريين والكوفيين جميعا ،
__________________
(١) انظر فى ترجمة السيرافى تاريخ بغداد ٧ / ٣٤١ ونزهة الألباء ص ٣٠٧ ومعجم الأدباء ٨ / ١٤٥ ومعجم البلدان فى سيراف وابن خلكان فى الحسن والفهرست ص ٩٩ واللباب ١ / ٥٨٦ والجواهر المضية فى طبقات الحنفية ١ / ١٩٦ وإنباه الرواة ١ / ٣١٣ وشذرات الذهب ٣ / ٦٥ ومرآة الجنان ٢ / ٣٩٠ والنجوم الزاهرة ٤ / ١٣٣ وبغية الوعاة ص ٢٢١. وسيراف من بلاد فارس على ساحل البحر مما يلى كرمان.