المتوفى سنة ٤٤٨ «ولم يكن فى زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بها». وله أكبر معجم مؤلف حسب المعانى هو المخصص المطبوع بالقاهرة فى سبعة عشر مجلدا ، وقد صبغ مباحثه فيه بصبغة نحوية وصرفية واسعة ، ويعلن ذلك فى أوائله ، إذ يقول : «ومن طريف ما أودعته إياه بغاية الاستقصاء ونهاية الاستقراء وإجادة التعبير والتأنق فى محاسن التحبير الممدود والمقصور والتأنيث والتذكير وما يجىء من الأسماء والأفعال على بناءين وثلاثة فصاعدا وما يبدل من حروف الجر بعضها مكان بعض». وتعنى الجامعة العربية الآن بنشر معجمه المسمى بالمحكم المرتب حسب مخارج الحروف على طريقه معجم العين للخليل ، وهو فى نحو عشرين مجلدا ، ويصرّح فى فواتحه بما أضاف إليه من مواد نحوية كثيرة ، يقول : «أما ما نثرت عليه من كتب النحويين المتأخرين المتضمنة لتعليل اللغة فكتب أبى على الفارسى : الحلبيات والبغداديات والأهوازيات والتذكرة والحجة والأغفال والإيضاح .. وكتب أبى الفتح عثمان بن جنى كالمعرب والتمام وشرحه لشعر المتنبى والخصائص وسر الصناعة والتعاقب والمحتسب».
وفى ذلك الدلالة البينة على أننا لا نصل إلى ابن سيده حتى ينغمس نحاة الأندلس فى النحو البغدادى بجانب انغماسهم فى النحو البصرى والكوفى ، ويكون ذلك إيذانا بأن تتضح شخصيتهم فى النحو ودراساته ، فقد تعمقوا فى مصنفاته على مر العصور وتعمقوا فى اتجاهاته.
٢
فى اتجاه المدرسة البغدادية وكثرة التعليلات والآراء
أخذت دراسة النحو تزدهر فى الأندلس منذ عصر ملوك الطوائف ، فإذا نحاتها يخالطون جميع النحاة السابقين من بصريين وكوفيين وبغداديين ، وإذا هم ينتجهون نهج الأخيرين من الاختيار من آراء نحاة الكوفة والبصرة ، ويضيفون إلى ذلك اختيارات من آراء البغداديين وخاصة أبا على الفارسى وابن جنى. ولا