٣
ابن السراج (١)
هو أبو بكر محمد بن السّرىّ ، كان من أحدث تلاميذ المبرد سنّا مع ذكائه وحدة ذهنه ، وعكف على دروس أستاذه ، متزودا بكل ما عنده من أزواد نحوية ولغوية. وعنى بجانب ذلك بدراسة المنطق والموسيقى ، وتحول بعد موت المبرد إلى حلقات الزجاج يعبّ منها وينهل ، ثم استقلّ عنه بحلقة كان يؤمّها كثيرون فى مقدمتهم السيرافى ، وأبو على الفارسى وعليه قرأ كتاب سيبويه. وكان يعنى عناية واسعة بعلل النحو ومقاييسه ، وفيهما صنّف كتاب الأصول الكبير ، انتزعه من كتاب سيبويه وأضاف إليه إضافات بارعة ، ويقال إنه جعله تقاسيم على طريقة المناطقة. ولم يكتف فيه بآراء سيبويه ، فقد ضم إليه كثيرا من آراء الأخفش الأوسط والكوفيين موازنا ومقارنا. وقال له أحد تلاميذه وهو يلقى بعض فصول هذا الكتاب إنه أحسن من كتاب المقتضب للمبرد أستاذه ، فبادره بقوله : لا تقل هذا فإنما استفدنا ما استفدناه من صاحب المقتضب ، وأنشد :
ولكن بكت قبلى فهاج لى البكا |
|
بكاها فقلت الفضل للمتقدّم |
وكان يحسن نظم الشعر وإنشاد المأثور منه فى الأوقات والمواقف المناسبة ، وكانت فيه دقة حس ورقة شعور ، ويقال إنه جاءه يوما بنى صغير له ، فأظهر من العطف عليه ما جعل بعض جلسائه يسأله أتحبّه أيها الشيخ؟ فقال متمثلا :
أحبّه حبّ الشحيح ماله |
|
قد كان ذاق الفقر ثم ناله |
وله وراء كتاب الأصول مصنفات نحوية مختلفة منها كتاب مجمل الأصول
__________________
(١) انظر فى ترجمة ابن السراج السيرافى ص ١٠٨ والزبيدى ص ١٢٢ والفهرست ص ٩٨ ونزهة الألباء ص ٢٤٩ وتاريخ بغداد ٥ / ٣١٩ والأنساب الورقة ٢٠٥ ومعجم الأدباء ١٨ / ١٩٧ وإنباه الرواة ٣ / ١٤٥ وابن خلكان وشذرات الذهب ٢ / ٢٧٣ واللباب ١ / ٥٤٧ ومرآة الجنان ٢ / ٢٧٠ وبغية الوعاة ص ٤٤.