مثل «ما طعامك أكل إلا زيد» بينما كان الكسائى يمنع مثل هذا التعبير ، لتقدم المفعول به ، بينما الفاعل محذوف ، إذ كان لا يعرب «زيد» فاعلا كما يعربه البصريون ، ولذلك كان يأبى مثل هذه الصيغة (١).
ولعل فى كل ما قدمنا ما يوضح منزلة ثعلب فى النحو الكوفى ، فقد مضى يطبقه ويصدر عنه فى كل ملاحظاته النحوية إلا أشياء طفيفة أدّاه إليها اجتهاده وكأنما كان يحمل راية هذا النحو فى عصره ، مستقصيا استقصاء دقيقا لكل ما قاله إماماه : الكسائى والفراء وكل ما أنشداه من أشعار مع الدفاع الشديد عنهما أمام البصريين ، دفاعا أساسه الاحتكام إلى السماع والرواية والإحاطة بالشاذ والنادر من اللغة وتصاريفها على ألسنة العرب.
٢
أصحاب ثعلب
اشتهر من تلاميذ ثعلب كثيرون فى مقدمتهم أبو موسى سليمان بن محمد المعروف بالحامض (٢) ، وهو المقدم من أصحابه إذ جلس مجلسه بعد موته ، وكان يتعصب على البصريين ، وصبّ عنايته على قراءته للناس كتب أستاذه ثعلب كما كان يقرأ كتب الفراء وخاصة كتابه «الإدغام» وألف مختصرا فى النحو ، وما زال يوالى التدريس حتى توفى سنة ٣٠٥ للهجرة.
ومن أصحاب ثعلب غلامه أبو عمر الزاهد محمد (٣) بن عبد الواحد ، وكان حافظا مكثرا من اللغة وفيها ألف كتابه «الياقوت» وظل يزيد فى نسخته حتى
__________________
(١) الإنصاف ، المسألة رقم ٢١.
(٢) انظر فى ترجمة أبى موسى الحامض الزبيدى ص ١٧٠ ونزهة الألباء ص ١٤١ والفهرست ص ٧٩ وتاريخ بغداد ٩ / ٦١ ومعجم الأدباء ١١ / ٢٥٣ والأنساب الورقة ١٥٢ وإنباه الرواة ٢ / ٢١ وبغية الوعاة ص ٢٦٢.
(٣) راجع فى ترجمة أبى عمر غلام ثعلب نزهة الألباء ص ٢٧٦ وتاريخ بغداد ٢ / ٣٥٦ والفهرست ص ٧٦ ومعجم الأدباء ١٨ / ٢٢٦ والأنساب للسمعانى الورقة ٤١٣ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤ وإنباه الرواة ٣ / ١٧١ واللباب فى الأنساب ٢ / ١٨٣ وبغية الوعاة ص ٦٩.