الفصل الخامس
المبرد وأصحابه
١
المبرد (١)
هو محمد بن يزيد الأزدى إمام نحاة البصرة لعصره ، ولد بها سنة ٢١٠ للهجرة ، وقيل سنة ٢٠٧ ، وقيل بل سنة ١٩٥ وأكبّ منذ نشأته على التزود من اللغة على أعلام عصره البصريين ، وشغف بالنحو والتصريف فلزم أبا عمر الجرمىّ يقرأ عليه كتاب سيبويه ، حتى إذا توفّى لزم أبا عثمان المازنى ، وتصدّر حلقته يقرأ عليه الكتاب ، والطلاب يسمعون قراءته. وبلغ من إعجاب المازنى بفطنته أن لقبه بالمبرّد بكسر الراء لحسن تثبته وتأتيه فى العلل ، وحوّر الكوفيون اللقب إلى المبرّد بفتح الراء عنتا له وسوء قصد. ويلمع اسمه وتطير شهرته ، فيستدعيه المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان إلى «سرّ من رأى» سنة ٢٤٦ ليفتى الفتوى الصحيحة فى بعض المسائل اللغوية والنحوية ، ويجز لا له فى العطاء ، حتى إذا توفّيا سنة ٢٤٧ كتب محمد بن عبد الله بن طاهر صاحب شرطة بغداد يحثّ فى إشخاصه إليه ، ويقدم إلى بغداد ويلقى بها عصاه ، ويجرى عليه محمد بن عبد الله راتبا حتى إذا توفى تابع أخوه عبيد الله الذى خلفه على شرطة بغداد إجراء الرواتب عليه. وقد مضى يحاضر الطلاب ببغداد فى النحو
__________________
(١) انظر فى ترجمة المبرد أبا الطيب اللغوى ص ٨٣ والسيرافى ص ٩٦ والزبيدى ص ١٠٨ والفهرست ص ٩٣ والأنساب للسمعانى الورقة ١١٦ ونزهة الألباء ص ٢١٧ وتاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ وابن خلكان فى محمد بن يزيد ومعجم الأدباء ١٩ / ١١١ ومعجم الشعراء للمرزبانى ص ٤٤٩ وطبقات القراء ٢ / ٢٨٠ وإنباه الرواة ٣ / ٢٤١ واللباب فى الأنساب ١ / ١٩٧ ولسان الميزان ٥ / ٤٣٠ وشذرات الذهب ٢ / ١٩٠ ومرآة الجنان ٢ / ٢١٠ وبغية الوعاة ص ١١٦ والمزهر ٢ / ٤٢٧ والمبرد : حياته وآثاره لمحمد عبد الخالق عضيمة (نشر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة).