حذفها كما بنيت أمس لتضمنها معنى لام التعريف. وذهب ابن ولاد إلى أن أصل «لاه أبوك» آلله أبوك حذفت الهمزة النائبة عن واو القسم وقالوا للهى وخففت الألف (١). وكان يذهب إلى أن صيغة المبالغة «فعيّل» تعمل عمل اسم الفاعل فتنصب المفعول به مثل شرّبب الماء (٢)
٢
فى اتجاه المدرسة البغدادية
رأينا النابهين من النحاة المصريين يرحلون إلى البصرة وبغداد طوال القرنين الثانى والثالث وأوائل القرن الرابع للهجرة ، وكانت المدرسة البصرية وأساتذتها غالبا وجهتهم فى بغداد ، وخير من يصور ذلك أبو العباس بن ولاد تلميذ الزجاج صاحب المبرد ، وبلغ من بصريته أن عنى بتأليف كتاب الانتصار لسيبويه ، وكأنه يؤمن بأن غلطا لا يمكن أن يعلق بقلمه. وفى نفس هذه الحقبة كانت قد اخذت تظهر مدرسة بغداد ممثّلة فى أئمتها الأولين من أمثال ابن كيسان وابن شقير وابن الخياط الذين كانوا ينزعون فى أول حياتهم نزعة كوفية ، ثم مزجوا بين النحوين الكوفى والبصرى مع استمرار ميلهم الواضح لنحو الكوفيين.
وإذا كان أبو العباس بن ولاد لم يلتفت إلى هذه النزعة النحوية الجديدة فإن رفيقه ومواطنه أبا جعفر النحاس لم يقع بعيدا عنها ، وقد اختلف مثله إلى أصحاب المبرد وفى مقدمتهم الزجاج ، ولكن يظهر أنه اختلف أيضا إلى أصحاب ثعلب ، بل ينصّ القدماء على أنه كان يختلف إلى ابن الأنبارى ، ولا نشك أنه اختلف أيضا إلى حلقات ابن كيسان وابن شقير وأضرابهما من أوائل البغداديين لما سنرى عنده عما قليل من مزج بين آراء البصريين والكوفيين. وبذلك يلتحم نحو المدرسة المصرية بنحو المدرسة البغدادية مع نشأتها المبكرة.
وأبو (٣) جعفر النحاس هو أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادى المتوفى سنة
__________________
(١) الهمع ٢ / ٣٧.
(٢) الهمع ٢ / ٩٧.
(٣) انظر فى ترجمة النحاس الزبيدى ص ٢٣٩ والأنساب للسمعانى الورقة ٥٥٥ ونزهة.
الألباء ص ٢٩١ وإنباه الرواة ١ / ١٧ ومعجم الأدباء ٤ / ٢٢٤ وابن خلكان ١ / ٢٩ وشذرات الذهب ٢ / ٣٤٦ ومرآة الجنان ٢ / ٣١١ وبغية الوعاة ص ١٥٧.