الفصل الرابع
الأخفش الأوسط وتلاميذه
١
الأخفش (١) الأوسط
هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة ، فارسى الأصل مثل سيبويه ، وقد لزمه وتلمذ له ، وأخذ عنه كل ما عنده ، وهو الذى روى عنه كتابه ، بل كان الطريق الوحيدة إليه ، إذ لا يعرف أحد سواه قرأه على سيبويه أو قرأه سيبويه عليه ، ويروى عنه أنه كان يقول : «كنت أسأل سيبويه عما أشكل علىّ منه فإن تصعّب الشىء منه قرأته عليه». وقد جلس بعده للطلاب يمليه ويشرحه ويبيّنه ، وعنه أخذه تلاميذه البصريون من مثل الجرمى والمازنى ، وأخذه عنه علماء الكوفة وعلى رأسهم إمامهم الكسائى. ولما رأى اهتمام تلاميذه الكوفيين جميعا بالمسائل المتفرقة فى النحو والصرف صنع لهم كتاب المسائل الكبير ، وله وراءه كتب أخرى سقطت من يد الزمن مثل كتاب الأوسط فى النحو وكتاب المقاييس وكتاب الاشتقاق وكتاب المسائل الصغير. وكان يعنى بشرح الأشعار ، وله فيها كتاب معانى الشعر ، ويقال إنه أول من أملى غريب كل بيت من الشعر تحته. وله فى العروض والقوافى كتاب نوّه به القدماء ، ويقال إنه زاد فيه على الخليل بحر المتدارك أو الخبب ، ويظهر أنه إنما زاد اسمه فقط إذ نجد للخليل أشعارا على وزنه (٢). ويقول الجاحظ إنه كان ينشر فى مصنفاته ضربا من
__________________
(١) انظر فى ترجمة الأخفش أبا الطيب اللغوى ص ٦٨ والسيرافى ص ٥٠ والزبيدى ص ٧٤ والفهرست لابن النديم ص ٨٣ ونزهة الألباء ص ١٣٣ ومعجم الأدباء ١١ / ٢٢٤ وروضات الجنات ص ٣١٣ وابن خلكان فى سعيد وإنباه الرواة ٢ / ٣٦ وما به من مراجع ومرآة الجنان ٢ / ٦١ وشذرات الذهب ٢ / ٣٦ وبغية الوعاة ص ٢٥٨.
(٢) إنباه الرواة ١ / ٣٤٢.