الفصل الثانى
المدرسة الأندلسية
١
النشاط النحوى فى الأندلس
لا نكاد نمضى فى عصر بنى أمية بالأندلس (١٣٨ ـ ٤٢٢ ه) حتى تنشأ طبقة كبيرة من المؤدّبين الذين كانوا يعلمون الشباب فى قرطبة وغيرها من الحواضر الأندلسية مبادئ العربية عن طريق مدارسة النصوص والأشعار ، يدفعهم إلى ذلك حفاظهم على القرآن الكريم وسلامة لغته وتلاوته ، وبذلك كان أكثرهم من قرّاء الذكر الحكيم ، وكان كثير منهم يرحلون إلى المشرق فيتلقون هذه القراءات ، ويعودون إلى موطنهم فيرسمونها للناس بجميع شاراتها كما يرسمون لهم العربية بمقوماتها اللغوية.
ومن أجل ذلك لا نعجب إذا وجدنا مشهورى هؤلاء المؤدّبين يعنون بالتأليف فى القراءات يتقدمهم أبو موسى الهوارى ، وهو كما يقول الزّبيدى : «أول من جمع الفقه فى الدين وعلم العرب بالأندلس ، رحل فى أول إمارة عبد الرحمن الداخل (١٣٨ ـ ١٧٢ ه) فلقى مالكا ونظراءه من الأئمة ولقى الأصمعى وأبا زيد ونظراءهما ، وداخل الأعراب فى محالها ، وله كتاب فى القراءات» (١). وكان يعاصره الغازى بن قيس الذى احترف تأديب الناشئة بقرطبة ، وقد رحل مثله إلى المشرق وأخذ عن مالك الفقه وعن نافع بن أبى نعيم مقرئ أهل المدينة قراءته للذكر الحكيم ، وأقرأ بها فى قرطبة ، ولقى الأصمعى ونظراءه (٢).
وأول نحاة الأندلس بالمعنى الدقيق لكلمة نحوى جودىّ (٣) بن عثمان المورورى
__________________
(١) الزبيدى ص ٢٧٥.
(٢) الزبيدى ص ٢٧٦.
(٣) الزبيدى ص ٢٧٨ ومعجم الأدباء ٧ / ٢١٣ وإنباه الرواة ١ / ٢٧١ وبغية الوعاة ص ٢١٣.