الإعراب فى مفردها تتغير بتغير مواقع الكلمات وعواملها فى العبارات (١). ومرّ بنا أيضا أن سيبويه كان يرى أن الأسماء الخمسة : أباك وأخواتها معربة بحركات مقدرة فى حروف الواو والألف والياء رفعا ونصبا وجرّا ، وكان الأخفش يرى أنها معربة بحركات مقدرة على ما قبل الواو والألف والياء أسوة برأيه فى المثنى والجمع ، وذهب قطرب ، كما ذهب فى الجمع والمثنى ، إلى أن هذه الأحرف نفسها هى الإعراب ، وكأنها نابت فيها عن الحركات (٢).
ولقطرب وراء ذلك آراء فرعية ، تتداولها كتب النحاة ، منها أن واو العطف تفيد الترتيب ، لأن الترتيب فى اللفظ ، إذا قلت مثلا جاء زيد وعمرو ، يستدعى سببا ، وهو الترتيب فى المجىء (٣). وكان يذهب إلى أنه قد تأتى إن بمعنى قد مستدلا بقوله تعالى : (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى)(٤). وذهب فى إعراب لا جرم فى قوله جلّ وعزّ : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) إلى أن لا ردّ لما قبلها ، أى ليس الأمر كما وصفوا. ثم ابتدئ ما بعده ، وجرم فعل لا اسم ، ومعناه وجب ، وما بعده فاعل (٥).
٣
أبو عمر (٦) الجرمىّ
هو صالح بن إسحق ، مولده ومنشؤه بالبصرة ، وقد دأب منذ صغره على الاختلاف إلى حلقات علماء البصرة من النحاة واللغويين. ويقال إنه لم يلق
__________________
(١) الإنصاف ص ١٣ وأسرار العربية ص ٥١ والهمع ١ / ٤٧.
(٢) الهمع ١ / ٣٨.
(٣) المغنى ص ٣٩٢ والهمع ٢ / ١٢٩.
(٤) المغنى ص ٢٢.
(٥) المغنى ص ٢٦٣.
(٦) راجع ترجمته فى أبى الطيب اللغوى ص ٧٥ والسيرافى ص ٧٢ والزبيدى ص ٧٦ ونزهة الألباء ص ١٤٣ والأنساب للسمعانى الورقة ١٢٨ وتاريخ بغداد ٩ / ٣١٣ والفهرست ص ٩٠ ومعجم الأدباء ١٢ / ٥ وإنباه الرواة ٢ / ٨٠ وطبقات القراء لابن الجزرى ١ / ٣٣٢ وشذرات الذهب ٢ / ٥٧ ومرآة الجنان لليافعى ٢ / ٩٠ وخزانة الأدب للبغدادى ١ / ١٧٨ وبغية الوعاة ص ٢٦٨.