ابن درستويه بالمباحث الصرفية ، بينما اشتهر بالمباحث النحوية الأخفش الصغير على بن سليمان المتوفى سنة ٣١٥ ومحمد بن على المعروف باسم مبرمان المتوفّى سنة ٣٢٦ ، وأشهر منهما فى تلك المباحث الزجّاج وأبو بكر بن السّراج اللذان انتهت إليهما الرياسة فى النحو البصرى والإمامة فيه بعد المبرد ، ونبغ من تلاميذ ابن السراج السيرافى ، وبه تنتهى المدرسة البصرية ، ولعل من الخير أن نخصّ كل واحد من هؤلاء الثلاثة الأخيرين بطرف من الحديث.
٢
الزجاج (١)
هو أبو اسحق إبراهيم بن السّرىّ بن سهل ، وكان فى حداثته يخرط الزجاج فنسب إليه ، ورغب فى درس النحو ، فلزم المبرد وكان يعلّم مجانا ، فجعل له على نفسه درهما كل يوم أجرة على تعليمه ، وظل يؤديه إليه طوال حياته. وحسن رأى المبرد فيه ، حتى كان من يريد أن يقرأ عليه شيئا من كتاب سيبويه أو غيره يأمره بأن يعرض على الزجاج أولا ما يريد قراءته.
والتمس منه بعض ذوى الوجاهة معلما لأولادهم ، فأسماه لهم ، ولم يلبث عبيد الله بن سليمان وزير الخليفة المعتضد أن طلب منه معلما لابنه القاسم ، فقدمه إليه ، ولما وزر القاسم بعد أبيه اتخذه كاتبا له فأقبلت الدنيا عليه ، وأصبح من جلساء الخلفاء ومن تجرى عليهم رواتبهم. وظلّ فى عيشة رخيّة حتى توفى سنة ٣١٠ للهجرة. وله مصنفات مختلفة منها كتاب شرح أبيات سيبويه ومختصر فى النحو وكتاب الاشتقاق وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف وكتاب فعلت وأفعلت وكتاب معانى القرآن وكتاب القوافى وكتاب فى العروض.
__________________
(١) انظر فى ترجمة الزجاج السيرافى ص ١٠٨ ونزهة الألباء ص ٢٤٤ وابن خلكان فى إبراهيم وتاريخ بغداد ٦ / ٨٩ والأنساب الورقة ٢٧٢ ومقدمة تهذيب اللغة للأزهرى والفهرست ص ٩٦ والزبيدى ص ١٢١ ومعجم الأدباء ١ / ١٣٠ وإنباه الرواة ١ / ١٥٩ واللباب ١ / ٣٩٧ وتهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٠ وشذرات الذهب ٢ / ٢٥٩ وبغية الوعاة ص ١٧٩.