وله آراء مختلفة تدور فى كتب النحو ، منها ما يتصل بالعوامل ومنها ما يتصل بالتعليل ، ومنها ما يتصل ببعض الأدوات ، ومنها ما يتصل ببعض مسائل نحوية صرفية. فأما ما يتصل بالعوامل فمنها أنه كان يرى أن الفعل المضارع لا يدل على الحال والاستقبال كما ذهب إلى ذلك سيبويه وجمهور النحاة ، إنما يدل على الاستقبال فقط ، لأن اللحظة الحالية التى ننطق فيها بكلمة يكتب بمجرد أن ننطق بها تصبح ماضية (١). وكان يجوّز عمل لعل وكأنّ إذا اتصلت بهما ما الزائدة فى مثل لعلما محمدا قادم وكأنما محمدا شاعر (٢). وكان الخليل وسيبويه يذهبان إلى أن كأن مركبة من الكاف وأن ، وزعم الزجاج أن الكاف فيها جارة غير زائدة ، ومن أجل ذلك قدّر فيها التعلق ، فقال إنها اسم بمنزلة مثل ، وقدّرها مبتدأ محذوف الخبر وما بعدها فى تقدير مصدر مضاف إليها ، فمثل كأن محمدا أخوك تقديره عنده مثل أخوة محمد إياك موجودة. وهو بعد واضح فى التقدير (٣). وكان سيبويه يذهب إلى أن ناصب المفعول له الفعل السابق له ، لأنه علة لمضمونه ولذلك كان الأصل أن يجر باللام مثل قمت للأدب ، فتحذف اللام وأداة التعريف ويقال قمت أدبا ، وذهب الزجاج إلى أنه صورة من صور المفعول المطلق لبيان النوع ، كأنك قلت فى المثال السابق ، تأدبت بالقيام ، فالتأديب مجمل والقيام بيان له ، كأنك قلت تأدبت بالقيام أدبا ، ومن هنا قال إن المفعول له مفعول مطلق منتصب بفعل مضمر من لفظه جعل عوضا منه ، ولذلك لا يظهر (٤). وكان الجمهور يذهب إلى أن عامل المفعول معه الفعل أو معناه بتوسط الواو ، وذهب الأخفش كما مر بنا إلى أنه منصوب على الظرفية ، وذهب الزجاج إلى أنه منصوب بفعل مضمر بعد الواو ، فمثل «استيقظ وطلوع الفجر» تقديره عنده استيقظ ولابس طلوع الفجر ، وما أشبه ذلك ، لأن الفعل فى رأيه يعمل فى المفعول وبينهما الواو (٥) ، وكأنما فاته أنه يعمل فى المعطوف وبينهما الواو فى مثل أقبل محمد وعلى. ومعروف أن تمييزكم الاستفهامية يجوز
__________________
(١) الهمع ١ / ٧.
(٢) الهمع ١ / ١٤٣.
(٣) المغنى ص ٢٠٩ والهمع ١ / ١٣٣ ـ ١٣٤.
(٤) الرضى على الكافية ١ / ١٧٥ والهمع ١ / ١٩٥.
(٥) الرضى على الكافية ١ / ١٧٨ والإنصاف ص ١١٠ وأسرار العربية ص ١٨٣ والهمع ١ / ٢٢٠.