جره إذا سبقها حرف جر مثل «على كم معلم درست» ، وذهب الجمهور إلى أن التمييز مجرور حينئذ بمن مقدرة حذفت تخفيفا ، اتفق فى ذلك سيبويه والبصريون والكوفيون ، وذهب الزجاج إلى أنه مجرور بالإضافة إلى كم فهى العاملة فيه ، لا من المضمرة (١).
وكان يعنى بالتعليل سواء فى المسائل النظرية أو العملية ، من ذلك استدلاله على صحة مذهب أصحابه البصريين فى أن المصدر هو الأصل وأن الفعل مشتق منه ، يقول : «لو كان المصدر بعد الفعل وكان مأخوذا منه لوجب أن يكون لكل مصدر فعل قد أخذ منه لا محيص عن ذلك ولا مهرب منه ، فلما رأينا فى كلام العرب مصادر كثيرة لا أفعال لها ألبته مثل العبودية والرجولية والبنوة والأمومة والأموّة (من الأمة) وما أشبه ذلك مما يطول تعداده من المصادر التى لم تؤخذ من الأفعال ، ورأينا فى كلامها أيضا مصادر جارية على غير ألفاظ أفعالها نحو الكرامة والعطاء (يقصد أسماء المصادر) وما أشبه ذلك علمنا أنه ليست الأفعال أصولا للمصادر ، إذ كانت المصادر توجد بغير أفعال ، وعلمنا أن المصادر هى الأصول ، فمنها ما أخذ منه فعل ، ومنها ما لم يؤخذ منه فعل ، وهذا بيّن واضح» (٢). وكان يعلّل لرفع الفاعل ونصب المفعول بقوله : «أنما فعل ذلك للفرق بينهما ، ثم سأل نفسه فقال : فإن قيل : فهل عكست الحال فكانت فرقا أيضا؟قيل : الذى فعلوه أحزم ، وذلك أن الفعل لا يكون له أكثر من فاعل واحد ، وقد يكون له مفعولات كثيرة ، فرفع الفاعل لقلته ونصب المفعول لكثرته ، وذلك ليقلّ فى كلامهم ما يستثقلون ويكثر فى كلامهم ما يستخفون» (٣). وكان يعلل لعدم استخدام العرب صيغة «ما زال زيد إلا قائما» بأنها نفى للنفى يفضى إلى الإيجاب ، فامتنعوا من ذلك (٤). وكان المبرد يذهب ، كما مرّ بنا ، فى تعليل بناء الآن باقترانها دائما بأداة التعريف دون أخواتها ، وذهب الزجاج إلى أنها بنيت لتضمنها معنى الإشارة ، لأن معناها هذا الوقت (٥). وكان الجمهور يذهب إلى أن المثنى فى مثل الزيدان والزيدين معرب ، وذهب الزجاج إلى أنه
__________________
(١) الهمع ١ / ٢٥٤.
(٢) الزجاجى ص ٥٨.
(٣) الخصائص ١ / ٤٩ والمنصف ١ / ١٩٠.
(٤) الخصائص ٣ / ٢٤١.
(٥) الهمع ١ / ٢٠٧.