من الحروف المهملة ، فقد ذكر الرواة أن الحجاج فى ولايته على العراق (٧٤ ـ ٩٥ ه) أمر نصر بن عاصم أو يحيى بن يعمر بإعجام حروف المصحف لتمييز الحروف بعضها من بعض (١). ويروى أن ابن عاصم كان أول من عشّر المصاحف وخمّسها ، وبعبارة أخرى كان أول من قسم آيات المصحف أقساما.
وكل من ذكرناهم من تلاميذ أبى الأسود كانوا من قرّاء الذكر الحكيم ، وكان يؤخذ عنهم النقطان جميعا نقط الإعراب ونقط الإعجام. وكان ذلك عملا خطيرا حقّا ، فقد أحاطوا لفظ القرآن الكريم بسياج يمنع اللحن فيه ، مما جعل بعض القدماء يظن أنهم وضعوا قواعد الإعراب أو أطرافا منها ، وهم إنما رسموا فى دقة نقط الإعراب لا قواعده ، كما رسموا نقط الحروف المعجمة من مثل الباء والتاء والثاء والنون.
٣
البصرة تضع النحو
رأينا البصرة تضع على يد أبى الأسود الدّؤلى نقط الإعراب ، وقد مضى الناس يأخذونه عن تلاميذه. ولعلنا لا نبعد إذا قلنا إن ذلك كان باعثا لهم ولمعاصريهم على التساؤل عن أسباب هذا الإعراب وتفسير ظواهره مما هيأ لبعض أنظار نحوية بسيطة. وكان طبيعيّا بعد أن رسموا نقط الإعجام أن يضعوا له هذا الاسم وأن يضعوا لنقط أبى الأسود اسم نقط الإعراب تمييزا لهما بعضهما عن بعض ، كما كان طبيعيّا أيضا أن يطلقوا على علامات النقط الخاصة بالإعراب أسماء تفرق بينها ، وقد اشتقوها من كلماته لكاتبه «فتحت شفتى وضممتهما وكسرتهما» فسموه على التوالى نقط الفتحة ونقط الضمة ونقط الكسرة. ولا بد أنهم لاحظوا اختلافا فى إعراب الأسماء حسب مواضعها من الكلام ،
__________________
(١) التصحيف والتحريف لأبى أحمد العسكرى ص ١٠.