عنه إنه نمّى النحو الكوفى ، وكأن هؤلاء التلاميذ تركوا هذه المهمة لعلمين هما الفرّاء ، وسنفرد له فصلا خاصّا ، وهشام بن معاوية الضرير ، وحرى أن نخصه بكلمة مستقلة.
٤
هشام (١) بن معاوية الضرير
هو أنبه تلاميذ الكسائى بعد الفراء ، ويظهر أنه كان يتصدّر للتدريس والإملاء على الطلاب كما كان يؤدب بعض أبناء الأثرياء وذوى الجاه ، ففى أخباره أن الرّخّجى كان يجرى عليه فى كل شهر عشرة دنانير ، وأن إسحق بن إبراهيم بن مصعب القائم على شرطة بغداد فى عهد المأمون لزمه وقرأ النحو عليه. وما زال مشغولا بالتأديب والتعليم حتى توفى سنة ٢٠٩ للهجرة. ونراه يعنى بالتصنيف فى النحو ، فيؤلف فيه ثلاثة كتب هى الحدود والمختصر والقياس.
ويقول مترجموه : «له فى النحو مقالة تعزى إليه». ومن يرجع إلى كتب النحاة يجد له آراء كثيرة تدور فيها ، وهى لا تفصله عن مدرسته الكوفية ، بل تجعله منميّا لها ، باعثا على نشاطها. وهو فيها تارة يتفق مع أستاذه ، وتارة يعدّل فى آرائه ، وكثيرا ما ينفرد بآراء يختص بها وحده. فمما اتفق فيه مع أستاذه القول بأن الفاعل قد يحذف على نحو ما يلقانا فى باب التنازع فى مثل «قام وقعد على» ففى رأيهما أن لفظة على فاعل للفعل الثانى وأن الفعل الأول حذف فاعله ، حتى لا يكون هناك إضمار قبل ذكر الفاعل. ويتضح ذلك أكثر فى حالتى التثنية والجمع ، فمذهب سيبويه فيهما أن يقال فى التثنية : «ضربانى وضربت الزيدين» وفى الجمع «ضربونى وضربت الزيدين» أما فى مذهب الكسائى وهشام فيقال فى التثنية : «ضربنى وضربت الزّيدين» وفى الجمع
__________________
(١) انظر فى ترجمة هشام الفهرست ص ١١٠ ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٩٢ ونزهة الألباء ص ١٦٤ وابن خلكان وإنباه الرواة ٣ / ٣٦٤ ونكت الهميان للصفدى ص ٣٠٥ وبغية الوعاة للسيوطى ص ٤٠٩.