اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) (وقال فى موضع آخر : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) والعرب نجعل اللام على معنى كى فى موضع أن فى أردت وأمرت ، فتقول أردت أن تذهب وأردت لتذهب وأمرتك أن تقوم وأمرتك لتقوم» (١) وقال فى موضع آخر تعقيبا على قوله عز شأنه : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) : «هو فى معنى ما كان هذا القرآن ليفترى ومثله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) أى ما كان ينبغى لهم أن ينفروا» (٢).
وليس معنى ذلك أنه لم يكن يعدو آراء الفراء والكسائى وما فهمه من كتاباتهما ، فقد كان يجتهد أحيانا. ومرّ بنا أنه لم يكن يأخذ برأى الفراء فى أن المضارع ينصب بعد واو المعية وفاء السببية وأو التى بمعنى حتى أو إلى على الصرف ، إنما ينصب لما يداخل هذه الحروف من معنى الشرط ، وكأنه لم يكن يعجب بفكرة الصرف التى كان يذهب إليها الفراء وكذلك لم يكن يعجب بفكرته فى أن الظرف حين يقع خبرا فى مثل محمد عندك منصوب على الخلاف ، وأراد أن يتوسط بينه وبين البصريين الذين يذهبون إلى أن مثل عندك السالفة ينصب بفعل مقدر ، تقديره استقر ، أو بتقدير اسم فاعل تقديره مستقر ، فذهب إلى أن مثل عندك ينصب بفعل مقدر ولكنه غير مطلوب ، فقد اكتفى بالظرف عنه ، فبقى منصوبا على ما كان عليه مع الفعل (٣). ومن اجتهاداته إضافته على أخوات كاد فعلى نشب (٤) وقام (٥) ، بينما ذهب إلى أن عسى حرف وليست فعلا (٦) ، وكان يذهب إلى أن لفظة الاسم مشتقة من الوسم ، ولذلك كان يقول : «الاسم سمة توضع على الشىء يعرف بها» وذهب البصريون إلى أنه مشتق من السمو (٧). وربما اختار بعض آراء البصريين وآثرها على بعض آراء مدرسته ، فقد كان يذهب مذهبهم فى أن إذن يجوز إلغاؤها ورفع المضارع بعدها مع اجتماع الشروط الموجبة للنصب (٨) ، وكان يقف مع البصريين فى تجويزهم
__________________
(١) معانى القرآن ١ / ٢٦١.
(٢) معانى القرآن ١ / ٤٦٤.
(٣) الإنصاف ، المسألة رقم ٢٩.
(٤) المجالس ص ٢١٢ ، ٤١٧.
(٥) الهمع ١ / ١٢٨.
(٦) المغنى ص ١٦٢.
(٧) الإنصاف ، المسألة الأولى.
(٨) الهمع ٢ / ٧.