وكتاب الاشتقاق وشرح سيبويه وكتاب احتجاج الفرّاء. وما زال يفيد طلابه بعلمه الغزير حتى توفى سنة ٣١٦ للهجرة.
وكتابه الأصول الكبير لم ينشر حتى اليوم ، غير أن المصنفات النحوية التى جاءت بعده احتفظت منه بنصوص ترينا من بعض الوجوه طريقته (١) ، من ذلك ما ذكره عنه ابن جنى من أنه فتح فى هذا الكتاب بابا لما سماه العلة وعلة العلة ، ومثّل فيه برفع الفاعل ، قال : فإذا سئلنا عن علة رفعه قلنا إنه ارتفع بفعله ، فإذا قيل : ولم صار الفاعل مرفوعا؟ فهذا سؤال عن علة العلة. ونحس كأنه استلهم تعليل الزجاج لاشتقاق الأفعال من المصادر وأن المصادر هى الأصل والأفعال فروع منها ، إذ يقول : «لو كانت المصادر مأخوذة من الأفعال جارية عليها لوجب أن لا تختلف كما لا تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين الجارية على أفعال نحو ضارب ومضروب وشاتم ومشتوم ومكرم ومكرم وما أشبه ذلك مما لا ينكسر. ورأينا المصادر مختلفها أكثر مما جاء منها على الفعل كقولنا شرب شربا وشربا ومشربا وشرابا وعدل عن الحق عدلا وعدولا وما أشبه ذلك فعلمنا أنها غير جارية على الأفعال وأن الأفعال ليست بأصولها» (٢). ويعلل لاختلاف صيغ الأفعال باختلاف أزمنتها بقوله : «كان حكم الأفعال أن تأتى كلها بلفظ واحد ، لأنها لمعنى واحد ، غير أنه لما كان الغرض فى صناعتها أن تفيد أزمنتها خولف بين مثلها (أبنيتها) ليكون ذلك دليلا على المراد منها ، فإن أمن اللّبس فيها جاز أن يقع بعضها موقع بعض ، وذلك مع حرف الشرط نحو إن قمت جلست ، لأن الشرط معلوم أنه لا يصح إلا مع الاستقبال ، وكذلك لم يقم أمس ، وجب لدخول لم ما لو لا هى لم يجز ، ولأن المضارع أسبق فى الرتبة من الماضى ، فإذا نفى الأصل كان الفرع أشد انتفاء. وكذلك أيضا حديث الشرط فى نحو إن قمت قمت جئت بلفظ الماضى الواجب تحقيقا للأمر وتثبيتا له ، أى أن هذا وعد موفّى به لا محالة ، كما أن الماضى واجب ثابت لا محالة» (٣).
__________________
(١) فى الأشباه والنظائر للسيوطى مادة وفيرة من هذا الكتاب.
(٢) الزجاجى ص ٥٩.
(٣) الخصائص ٣ / ٣٣١.