وشركائهم بكلمة أولادهم أو بعبارة أخرى بالفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به. والنحاة لا يجوّزون هذا الفصل بينهما إلا بالظرف والجار والمجرور ، ومن هنا استشكل الفراء على القراءة ، وحاول أن يجد لجرّ شركائهم وجها ، فقال : «وفى بعض مصاحف أهل الشام شركائهم بالياء فإن تكن مثبتة عن (القرّاء) الأولين فينبغى أن يقرأ زين وتكون الشركاءهم الأولاد لأنهم منهم فى النسب والميراث» يريد بذلك أن تقرأ كلمة (أولادهم) بالجر مضافة إلى قتل وبذلك تكون كلمة شركائهم بدلا منها أو صفة. وكان الأخفش كما قدمنا فى ترجمته يصحح هذه القراءة ويحتج لها بقول بعضهم فاصلا بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول :
فزججتها بمزجّة |
|
زجّ القلوص أبى مزاده |
فقال رادّا عليه فى عنف : «وليس قول من قال إنما أرادوا مثل قول الشاعر (وأنشد البيت) بشىء وهذا مما كان يقوله نحويّو أهل الحجاز ولم نجد مثله فى العربية (١)» وقال فى موضع آخر : الصواب فى البيت :
فزججتها متمكّنا |
|
زجّ القلوص أبو مزاده (٢) |
ووهم صاحب الإنصاف ، فحمّل البصريين مسئولية رفض هذه القراءة (٣) ، ولا نعلم بصريّا معاصرا للفراء ولا سابقا له رفضها ، بل لقد صحّحها الأخفش البصرى معاصره ، كما قدمنا ، واحتج لها من الشعر. ومرّ بنا فى ترجمة المازنى أنه كان يرى أن تجمع معيشة على معايش بالياء لأن حرف اللين فيها عين الكلمة وليس حرفا زائدا مثل ياء صحيفة التى تجمع على صحائف ، وأنه لذلك أنكر قراءة نافع : معائش بالهمزة فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) وهو فى هذا الإنكار إنما كان يتابع الفراء فقد ذكر الآية ثم قال بعقبها : «معايش لا تهمز لأنها ـ يعنى الواحدة ـ مفعلة ، فالياء من الفعل ، فلذلك لم تهمز ، إنما يهمز من
__________________
(١) معانى القرآن ١ / ٣٥٧.
(٢) معانى القرآن ٢ / ٨١.
(٣) الإنصاف : المسألة رقم ٦٠.