القسم الأول فخصّه بالنحو ومباحثه ، وكاد لا يترك فى هذه المباحث جانبا إلا استقصاه من جميع أطرافه فى الجزء الأول من الكتاب وأوائل الجزء الثانى ، حتى إذا فرغ من هذه المباحث انتقل يبسط فى دقة القسم الثانى وما يخوض فيه من المباحث الصرفية محيطا بكل تفاصيلها إحاطة تامة واصلا لها بمادة صوتية واسعة من مثل الحديث عن الإمالة والوقف والروم والإشمام والإشباع وما إلى ذلك.
وقد تحول ما ذكره من قواعد النحو والصرف إلى ما يشبه نجوما قطبية ثابتة ظل النحاة بعده إلى اليوم يهتدون بأضوائها فى مباحثهم ومصنفاتهم. ويمكن أن نقول بصفة عامة إن الكثرة من المصطلحات النحوية والصرفية التى لا تزال شائعة على كل لسان فى عصرنا كان لكتابه الفضل الأول فى إشاعتها وإذاعتها طوال العصور ، وكأنه لم يترك للنحاة من بعده إلا ما لا خطر له ، كما قال صاعد آنفا ، كأن يميزوا بعض المصطلحات أو يضيفوا مصطلحات جديدة لغرض الدقة فى التوضيح ، فمن ذلك أنه عرض لأبواب التوابع عرضا واسعا ، وجرت على لسانه كلمات النعت والبدل والتوكيد والعطف ويريد به عطف البيان ، ولكنها جميعا يتداخل بعضها فى بعض ، بحيث يسميها أحيانا صفة ، وقد يسمى عطف البيان نعتا (١) ، وجعل التوكيد قسمين : قسما مكررا وقسما غير مكرر (٢) ، وسمّاهما خالفوه التوكيد اللفظى والتوكيد المعنوى. وكان يسمى عطف النسق الشركة وحروفه مثل الواو حروف الإشراك (٣). وقد لا يضع الاصطلاح الخاص المميز كأن نجده يقول : «هذا باب نظائر ضربته ضربة ورميته رمية (٤)» وسمى النحاة الباب بعده «اسم المرة». ويقول : «هذا باب ما عالجت به (٥)» وسماه النحاة بعده «اسم الآلة» مثل المقص. ويقول «هذا باب اشتقاقك الأسماء لمواضع بنات الثلاثة التى ليست فيها زيادة من لفظها» (٦) مثل مجلس ، وسمى النحاة بعده ذلك «باسم المكان المشتق». ومن مصطلحاته التى تركها الصرفيون مصطلح البيان والتبيين (٧) وقد سموه باسم «فك
__________________
(١) المغنى ص ٦٣١ وانظر الكتاب ١ / ٢٢٣.
٣٠٦ ، ٣٩٣ وفى مواضع مختلفة.
(٢) الكتاب ١ / ٣١٥.
(٣) الكتاب ١ / ٢٠٩ ، ٢٤٧.
(٤) الكتاب ٢ / ٢٤٦.
(٥) الكتاب ٢ / ٢٤٩.
(٦) الكتاب ٢ / ٢٤٦.
(٧) الكتاب ٢ / ٤٠٧.