ولقد كان رسول الله صلى الله عليه واله في فضيلة الحلم والعفو عن المسيىء نموذجاً رائعاً كسائر أخلاقه ومعاملاته ، فهو لا يعرف الغضب إلّا حين تنتهك للحقّ حرمته ، فحينها لا يقوم لغضبه شيء حتّى يهدم الباطل ويزهقه.
أما سوى ذلك ، فإنّه أنأى الناس عن الغضب ، وهو أحلم إنسان عن جاهل لا يعرف أدب الخطاب ، أو مسيىء إليه ذاته ، أو منافق يتظاهر بغير ما يبطن ، وعند الغضب يعرف غضبه في وجهه بإمتلاء ذلك العرق دماً.
وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه (١).
قوله عليه السلام : «أقنى العرنين» العرنين : المستوى الأنف من أوّله إلى آخره.
قوله عليه السلام : «له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمّله أشم» الشمم : إرتفاع في قصبة الأنف مع إستواء أعلاه ، وإشراف الإرنبة قليلاً.
يقال : هو لحسن قناء أنفه واعتدال ذلك يحسب قبل التأمل أشم ، وهذا كناية عن الرفعة والعلو وشرف الأنفس.
قوله عليه السلام : «كث اللحية» أي كانت لحيته صلى الله عليه واله كثيرة الشعر وقصيرة ، وقال الفيومي : كثر الشعر يكثر من باب ـ ضرب ـ كثوثة وكثاثة إجتمع وكثر نبته في غير طويل ولا رقّة (٢).
وفي النهاية : الكثاثة في اللحية : أن تكون غير رقيقه ولا طويلة (٣).
وفي رواية : كان رسول الله صلى الله عليه واله كثيف اللحية ، وكان
__________________
١ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣١٦.
٢ ـ المصباح المنير : ص ٥٢٦.
٣ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٤ ، ص ١٥٢.